محض من غير أن يستقرّ شي‌ء في الذمّة ، ولا ريب في سقوط التكاليف المحضة العارية عن الحكم الوضعي بمجرّد الموت ، فهو بعد الموت لم يكن مشغول الذمّة إلّا بالحقوق الماليّة ، فلا مزاحمة إذن بين الأمرين كما هو ظاهر.

الجهة الثانية : فيما لو مات وقد اجتمع عليه الحجّ مع غيره من الحقوق الماليّة من الخمس أو الزكاة أو غيرهما من سائر ديون الناس.

والظاهر تقدّم الحجّ على الكلّ ، للنصوص الخاصّة الواردة في المقام.

أمّا تقدّمه على مثل الزكاة فتدلّنا عليه صريحاً صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : قلت له عليه‌السلام : رجل يموت وعليه خمسمائة درهم من الزكاة وعليه حجّة الإسلام وترك ثلاثمائة درهم فأوصى بحجّة الإسلام وأن يقضى عنه دين الزكاة «قال : يحجّ عنه من أقرب ما يكون ، ويخرج البقيّة من الزكاة» (١).

وأمّا تقدّمه على سائر الديون فتدلّ عليه صحيحة بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل خرج حاجّاً ومعه جمل له ونفقة وزاد فمات في الطريق «قال : إن كان صرورة ثمّ مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجّة الإسلام ، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجّة الإسلام ، فإنّ فضل من ذلك شي‌ء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين» (٢) ، ونحوها غيرها ، وإن كانت هذه أصرح في المطلوب ، فقد دلّت صريحاً أنّ التركة تصرف أوّلاً في الحجّ فإن فضل ففي الدين ثمّ الإرث ، فالحجّ يخرج من صلب المال ويقدّم على جميع الحقوق بمقتضى هذه النصوص.

الجهة الثالثة : فيما لو مات وقد اجتمعت عليه حقوق الناس من الديون والمظالم والزكاة ونحوها غير الحجّ والمشهور حينئذٍ وجوب التوزيع على الجميع بمقدار حصصهم ، فيكون حاله بعد الممات حال المفلس مع الغرماء حال

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٢٥٥ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٢١ ح ٢.

(٢) الوسائل ١١ : ٦٨ / أبواب وجوب الحج وشرائطه ب ٢٦ ح ٢.

۵۰۷