الولي الحقيقي وهو الشارع المقدّس الذي ولايته أقوى وأولى من المالك وإن لم يحرز الإذن منه. ومعلومٌ أنّ مورد هذه النصوص هو صورة الجهل بغرض المالك ، وإلّا فمع العلم به سعةً أو ضيقاً كان هو المتّبع ، لثبوت الولاية له على التطبيق حسبما عرفت.

وهذه النصوص بين ما تضمّن جواز الأخذ مطلقاً وبين ما قيّده بمقدار ما يعطي لغيره ، الموجب لتقييد الأوّل به ، عملاً بصناعة الإطلاق والتقييد.

فمن الأوّل : صحيحة سعيد بن يسار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يعطى الزكاة فيقسّمها في أصحابه ، أيأخذ منها شيئاً؟ «فقال : نعم» (١).

ومن الثاني : صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج : عن الرجل يعطي الرجل الدراهم يقسّمها ويضعها في مواضعها وهو ممّن تحلّ له الصدقة «قال : لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي غيره» (٢) ، ونحوهما صحيحة الحسين بن عثمان (٣).

ولكن بإزائها ما يظهر منه المنع ، وهي صحيحة أُخرى لعبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سألته عن رجل أعطاه رجل مالاً ليقسّمه في محاويج أو في مساكين وهو محتاج ، أيأخذ منه لنفسه ولا يعلمه؟ «قال : لا يأخذ منه شيئاً حتّى يأذن له صاحبه» (٤).

فربّما يتوهّم معارضتها لما سبق ومن ثمّ حملها الشيخ على الكراهة (٥).

ولكن الظاهر عدم المعارضة بوجه لتحتاج إلى الحمل ، لأنّها تنظر إلى موضوع غير الموضوع الذي تنظر إليه الروايات المتقدّمة ، فإنّ النصوص المتقدّمة

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٢٨٧ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٤٠ ح ١.

(٢) الوسائل ٩ : ٢٨٨ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٤٠ ح ٣.

(٣) الوسائل ٩ : ٢٨٨ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٤٠ ح ٢.

(٤) الوسائل ١٧ : ٢٧٧ / أبواب ما يكتسب به ب ٨٤ ح ٣.

(٥) الاستبصار ٣ : ٥٤.

۵۰۷