وتحصّل : أنّ الذي يخرج من الأصل إنّما هو الدين والحجّ ، وأمّا غير ذلك من سائر الواجبات فلا موجب لإخراجها منه مع اليقين فضلاً عن الشكّ.
هذا كلّه حكم الصورة الأخيرة ، أعني : العلم باشتغال الذمّة والشكّ في الخروج عن العهدة.
وأمّا الصورة الاولى ، أعني : ما إذا كانت الزكاة في العين وهي موجودة ونحتمل أنّ الميّت قد أدّاها إمّا من نفس العين أو من مال آخر. وقد ذكر الماتن قدسسره حينئذٍ أنّه لا بدّ من الإخراج ، نظراً إلى أنّ هذا المال الخارجي كان فيه الزكاة وكان متعلّقاً لحقّ الفقراء ، ويشكّ في إخراجها عنه فيستصحب بقاء الزكاة فيه ، فيجب على الوارث الإخراج كما كان يجب على الميّت لو كان حيّاً وصدر منه مثل هذا الشكّ.
وما أفاده قدسسره وجيه كما هو ظاهر ، غير أنّه قدسسره خصّ الحكم بما إذا تعلّق الشكّ بزكاة السنة الحالية. وأمّا إذا كان الشكّ بالنسبة إلى الاشتغال بزكاة السنة أو السنتين السابقة فلا يجب الإخراج على الوارث ، استناداً إلى قاعدة التجاوز ومضيّ المحلّ ، بل استند قدسسره إلى أصالة الصحّة.
أقول : قد عرفت سابقاً أنّ الزكاة ليس لها محلّ معيّن أو وقت مخصوص ، فليست هي من المؤقّتات (١). نعم ، لا يجوز التأخير بمقدار يصدق معه التهاون كما تقدّم (٢) ، إلّا أنّ ذلك لا يجعلها من المؤقت كي يكون الشكّ بعد تجاوز المحلّ أو بعد خروج الوقت. وعليه ، فلا معنى للتمسّك بقاعدة التجاوز أو مضيّ الوقت.
وأمّا أصالة الصحّة فلم يعلم لها وجه صحيح ، إلّا أن يقال : إنّ تأخير الزكاة
__________________
(١) في ص ٢٥٣ ٢٥٤.
(٢) في ص ٢٥٥.