نعم ، إذا كان للفرد بماله من الخصوصيّة أثر يترتّب عليه لم يكن بدّ من تعلّق القصد به وتعيينه في ترتّب الأثر عليه ، فإذا جعل الفراش مثلاً رهناً لأحد الدينين والكتاب رهناً للآخر لم ينفكّ شي‌ء من الرهنين ما لم يقصد أنّ المدفوع أداء لأيّ منهما ، لعدم ترجيح في البين وإن حصل الوفاء لأصل الدين في أحدهما من غير تعيين.

وعلى ضوء ذلك نقول : إنّ للفرد في المقام أثرين :

أحدهما : جواز التصرّف في الباقي بعد التزكية.

ثانيهما : الضمان إذا تلف قبل التزكية.

فالعشرة المدفوعة في المثال إن عيّنها في الغنم جاز التصرّف بعد ذلك في تمام الغنم دون الحنطة ، كما أنّ عليه الضمان إذا تلفت الحنطة دون الغنم ، أمّا إذا لم يعيّن لم يجز التصرّف في شي‌ء منهما ، وعليه الضمان إذا تلف كلّ منهما ، لما عرفت من عدم الترجيح لأحدهما وإن سقط التكليف عن الزكاة بهذا المقدار بطبيعة الحال ، إلّا إذا نوى حين الدفع ما سيعينه فيما بعد فإنّ له واقعاً محفوظاً عند الله وإن كان مجهولاً عندنا ، فيكون ذلك نوع قصد إجمالي ، وهو مجزٍ عن القصد التفصيلي.

وهل للمالك التعيين بعد ذلك فيما لم يكن ناوياً أصلاً كما اختاره في المتن؟

الظاهر : العدم ، إذ لا دليل على ولايته على هذا التعيين.

نعم ، لا مانع من الرجوع إلى القرعة التي هي لكلّ أمر مشكل ، بناءً على ما هو الصواب من عدم اختصاصها ممّا له واقع معيّن مجهول ، بل تشمل ما لا تعيّن له حتّى في صقع الواقع كما في المقام ، فيتعيّن بها أنّ الزكاة عن أيٍّ من المالين أوان الأداء من أيٍّ من الدينين.

هذا كلّه على المسلك المشهور من عدم اختصاص القيمة بالنقدين.

۵۰۷