عدم الوجوب وقيام الكتابة مقامه ، لاشتراكها معه في الغاية المتوخّاة منه والحكمة الباعثة على الوجوب ، وهي المحافظة على الزكاة المعزولة حذراً عن خشية التلف أو الانتقال إلى الورثة ، فإنّها بعد الكتابة تكون مأمونة عن هذه الأخطار وإن لم تكن معزولة. وبذلك ترفع اليد عن ظهور صحيحة سعد في وجوب العزل ، ويحمل على الاستحباب ، وبه يجمع شمل الأخبار.

فالأقوى إذن جواز التأخير حتّى مع عدم العزل. وأمّا مقدار التأخير بعد العزل فقد حُدّد في بعض النصوص المتقدّمة بالشهرين أو الثلاثة ، بل عرفت أنّ المستفاد من صحيحة معاوية جواز التأخير إلى الخمسة ، لكن الظاهر من قوله عليه‌السلام في موثّقة يونس : «ثمّ أعطها كيف شئت» من غير تحديد بحدّ معيّن أنّه لا حدّ له بعد الإخراج.

نعم ، لمّا كانت الزكاة المعزولة أمانة بيده فيجوز له التأخير ما لم يؤدّ إلى التعدّي والتفريط بأن كان لأجل انتظار مستحقّ خاصّ ، أو غير ذلك من الأُمور العقلائيّة من غير تحديد بحدّ خاص.

هذا كلّه في الحكم التكليفي.

وأمّا من حيث الحكم الوضعي أعني : الضمان مع العزل أو بدونه فلا ينبغي الريب في عدمه فيما إذا كان التأخير مستنداً إلى عدم وجود المستحقّ ولم يكن متعدّياً ولا مفرّطاً في الحفظ ، إذ هي أمانة عنده مع العزل ، ولا ضمان في الأمانة ، وقد كان معذوراً في التأخير حسب الفرض.

وأمّا مع وجوده فلعلّ المشهور حينئذٍ هو الضمان ، استناداً إلى روايات تقدّمت في المسألة العاشرة من الفصل السابق ، عمدتها صحيحتا محمّد بن مسلم وزرارة ، وقد عرفت ثمّة أنّهما أجنبيتان عن المقام ، فإنّ مورد الاولى هو النقل إلى بلد آخر والضياع في الطريق ، ومورد الثانية هو التلف عند الوكيل المبعوث إليه ، وشي‌ء منهما غير مرتبط بالتلف عند صاحب الزكاة الذي هو محلّ الكلام. فلا

۵۰۷