قوله تعالى ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ﴾ إلى قوله تعالى ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ (١) ، فإنّه إذا وجب الدعاء عليه صلىاللهعليهوآله وجب على غيره أيضاً إمّا للتأسّي أو للاشتراك أو للتعليل ، إذ السكن لا يختصّ بدعائه صلىاللهعليهوآله.
أقول : يبتني الاستدلال على أمرين ، أحدهما : ظهور الأمر في الآية المباركة في الوجوب. وثانيهما : مشاركة غيره معه في هذا الحكم.
أمّا الدعوى الثانية : فغير بعيدة للبُعد اختصاص الوجوب به بعد أن لم يذكر من جملة مختصّاته صلىاللهعليهوآله ، بل أنّ حكمة التشريع التي هي بحسب الظاهر تشويق المالك وترغيبه على الاستمرار في أداء الزكاة يقتضي التعميم كما لا يخفى.
وأمّا الدعوى الاولى فغير ظاهرة :
أوّلاً : لقرب دعوى أنّ الأمر بمقتضى التعليل ومناسبة الحكم والموضوع ظاهرٌ في الإرشاد مقدّمةً لتحصيل السكن والتشويق في العمل ، ولم يكن أمراً مولويّاً تعبّدياً ليقتضي الوجوب.
وثانياً : مع التسليم فالدعوى مبنيّة على أن يكون الوجوب مدلولاً لفظيّاً للأمر ومستفاداً منه وضعاً ليكون حجّة بالنسبة إلى من قصد إفهامه ومن لم يقصد ، لكنّه خلاف التحقيق ، بل الصواب كما حقّق في الأُصول أنّه بحكومة العقل بمقتضى قانون العبوديّة والمولويّة ما لم يكن مقروناً بالترخيص في الترك ، وحيث يحتمل الاقتران بعد أن كان الخطاب مختصّاً به ، ولعلّه كان محفوفاً بما يستفاد منه الترخيص ، فلم يثبت في حقّه ليتعدّى إلى غيره بأحد الوجوه المتقدّمة.
__________________
(١) التوبة ٩ : ١٠٣.