فإنّ العامّة قد رووا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ذلك كما رواه الترمذي وقال : إنّه حديث حسن صحيح ، وكذا مالك (١). ولكن الصادق عليهالسلام كذّبه وأنكر صدوره عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فيكون ذلك معارضاً لما تقدّم في صحيح زرارة من قوله عليهالسلام : «إنّ الصدقة لا تحلّ لمحترف ولا لذي مرّة سوي».
ويندفع أوّلاً : بأنّ رواية الصدوق مرسلة لا يعوّل عليها.
وثانياً : بأنّه عليهالسلام لم ينكر الحكم وإنّما أنكر القول فقط ، ومن الجائز عدم صدور هذه اللفظة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، ولا ينافي ذلك ثبوت الحكم وأنّه صلىاللهعليهوآله اقتصر في بيانه على مجرّد قوله صلىاللهعليهوآله «لا تحلّ لغني» ، نظراً إلى صدق الغنى على ذي مرّة أيضاً ، كما قد تشير إليه صحيحة معاوية بن وهب ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام يروون عن النبي صلىاللهعليهوآله «أنّ الصدقة لا تحلّ لغني ولا لذي مرّة سوي» فقال أبو عبد الله عليهالسلام «لا تصلح لغني» (٢) ، حيث أعرض عليهالسلام في الجواب عن صحّة الرواية وسكت عن بيان ما صدر عن النبي صلىاللهعليهوآله نفياً وإثباتاً ، واقتصر على بيان الحكم وأنّ الصدقة لا تصلح للغني ، إيعازاً إلى شمول الحكم لذي مرّة ، لكونه مصادقاً للغني سواء أقاله النبي صلىاللهعليهوآله أيضاً أم لا.
وثالثاً : أنّها معارضة بصحيحة زرارة المتقدّمة ، المصرّحة بإسناد تلك الجملة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله من قبل أبي جعفر نفسه عليهالسلام (٣).
__________________
(١) سنن الترمذي ٣ : ٤٢ / ٦٥٢ ، وانظر الموطأ ١ : ٢٦٨ / ٢٩.
(٢) الوسائل ٩ : ٢٣١ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٨ ح ٣.
(٣) الوسائل ٩ : ٢٣٣ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٨ ح ٨.