له من غلّتها دراهم ما يكفيه لنفسه وعياله ، فإن لم تكن الغلّة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم من غير إسراف فقد حلّت له الزكاة ، فإن كانت غلّتها تكفيهم فلا» (١).

فإنّ المراد بدار الغلّة : الدار المعدّة للإيجار والانتفاع بوجه الإجارة ، الذي هو كغلّة لها في قبال دار السكنى ، ومن البديهي أنّ التعارف الخارجي قد استقرّ على إيجار الدور سنويّاً ، بل لم يتداول الأقلّ من ذلك إلّا في الأزمنة المتأخّرة الحديثة ، حيث يستأجر شهريّاً ، بل ربّما اسبوعيّاً كما في بعض بلاد الخارج ، فيكون مفاد الموثّق : أنّ من له دار ينتفع من إيجاره السنوي ما يكفيه فهو غني شرعاً لا تحلّ له الزكاة ، فتلاحظ غلّة كلّ سنة بالإضافة إلى مصارف تلك السنة ، فغلّة السنة الأُولى للسنة الأُولى والثانية للثانية وهكذا ، فإن كفت لم تحلّ وإلّا حلّت.

وبالجملة : فيستفاد اعتبار السنة من التعبير بالغلّة بالقرينة المتقدّمة.

بل يمكن استفادة ذلك من قوله عليه‌السلام «ما يكفيه» ، فإنّ ملك الكفاية لا يراد به عرفاً سيّما في القرى وبعض البلاد إلّا ما يكفيه لسنة واحدة ، فلا يقال لمن يملك قوت ستّة أشهر : إنّ عنده ما يكفيه. وعلى هذا الأساس اعتبرنا الزيادة على مئونة السنة في تعلّق الخمس ، وإلّا فلم يرد في شي‌ء من نصوصه التعبير بالسنة ، بل اقتصر على استثناء المئونة فقط ، فلاحظ.

ومنها : صحيحة معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم وله عيال وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها ، أيكبّ فيأكلها ولا يأخذ الزكاة ، أو يأخذ الزكاة؟ «قال : لا بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك من عياله ، ويأخذ البقيّة

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٢٣٥ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٩ ح ١.

۵۰۷