المناقشة في الاستدلال

والجواب عنه : ما ذكرنا سابقا (١) ، من أنّ الأمر بالاجتناب عن الشبهة إرشاديّ للتحرّز (٢) عن المضرّة المحتملة فيها ، فقد تكون المضرّة عقابا وحينئذ فالاجتناب لازم ، وقد تكون مضرّة اخرى فلا عقاب على ارتكابها على تقدير الوقوع في الهلكة ، كالمشتبه بالحرام حيث لا يحتمل فيه الوقوع في العقاب على تقدير الحرمة اتّفاقا ؛ لقبح العقاب على الحكم الواقعيّ المجهول باعتراف الأخباريين أيضا ، كما تقدّم (٣).

ليس المقصود من الأمر بطرح الشبهات خصوص الإلزام

وإذا تبيّن لك : أنّ المقصود من الأمر بطرح الشبهات ليس خصوص الإلزام ، فيكفي حينئذ في مناسبة ذكر كلام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله المسوق للإرشاد : أنّه إذا كان الاجتناب عن المشتبه بالحرام راجحا (٤) ـ تفصّيا عن الوقوع في مفسدة الحرام ـ ، فكذلك طرح الخبر الشاذّ واجب ؛ لوجوب التحرّي عند تعارض الخبرين في تحصيل ما هو أبعد من الريب وأقرب إلى الحقّ ؛ إذ لو قصّر في ذلك وأخذ بالخبر الذي فيه الريب احتمل أن يكون قد أخذ بغير ما هو الحجّة له ، فيكون الحكم به حكما من غير الطرق المنصوبة من قبل الشارع ، فتأمّل.

المؤيّد لما ذكرنا امور :

ويؤيّد ما ذكرنا : من أن النبويّ ليس واردا في مقام الإلزام بترك الشبهات ، امور :

__________________

(١) راجع الصفحة ٦٩.

(٢) في (ظ): «للتحذّر».

(٣) راجع الصفحة ٢٧ و ٤٢.

(٤) في (ظ): «واجبا».

۵۰۴۱