توهّم وجود المخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي في الشرعيّات
فإن قلت : إنّ المخالفة القطعيّة للعلم الإجماليّ فوق حدّ الاحصاء في الشرعيّات ، كما في الشبهة الغير المحصورة ، وكما لو قال القائل في مقام الإقرار : هذا لزيد بل لعمرو ، فإنّ الحاكم يأخذ المال لزيد وقيمته لعمرو ، مع أنّ أحدهما أخذ للمال بالباطل ، وكذا يجوز للثالث أن يأخذ المال من يد زيد وقيمته من يد عمرو ، مع علمه بأنّ أحد الأخذين تصرّف في مال الغير بغير إذنه. ولو قال : هذا لزيد بل لعمرو بل لخالد ، حيث إنّه يغرم لكلّ من عمرو وخالد تمام القيمة ، مع أنّ حكم الحاكم باشتغال ذمّته بقيمتين مخالف للواقع قطعا.
وأيّ فرق بين قوله عليهالسلام : «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (١) ، وبين أدلّة حلّ ما لم يعرف كونه حراما (٢) ، حتّى أنّ الأوّل يعمّ الإقرارين المعلوم مخالفة أحدهما للواقع ، والثاني لا يعمّ الشيئين المعلوم حرمة أحدهما؟
وكذلك لو تداعيا عينا في موضع يحكم بتنصيفها بينهما ، مع العلم بأنّها ليست إلاّ لأحدهما.
وذكروا ـ أيضا ـ في باب الصلح : أنّه لو كان لأحد المودعين (٣) درهم وللآخر درهمان ، فتلف عند الودعيّ أحد الدراهم ، فإنّه يقسّم أحد الدرهمين الباقيين بين المالكين ، مع العلم الإجماليّ بأنّ دفع أحد النصفين دفع للمال إلى غير صاحبه.
__________________
(١) الوسائل ١٦ : ١١١ ، الباب ٣ من كتاب الإقرار ، الحديث ٢.
(٢) تقدّمت أخبار الحلّ في الصفحة ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٣) في (ت) ، (ر) و (ص): «الودعيّين».