المناقشة فيما ذكره صاحب المعالم
وأمّا ما ذكره صاحب المعالم رحمهالله وتبعه عليه المحقّق القمّي رحمهالله (١) : من تقريب الاستدلال بآية التثبّت على ردّ خبر مجهول الحال ، من جهة اقتضاء (٢) تعلّق الأمر بالموضوع الواقعيّ (٣) وجوب الفحص عن مصاديقه وعدم الاقتصار على القدر المعلوم ، فلا يخفى ما فيه.
لأنّ ردّ خبر مجهول الحال ليس مبنيّا على وجوب الفحص عند الشكّ ؛ وإلاّ لجاز الأخذ به ، ولم يجب التبيّن فيه بعد الفحص واليأس عن العلم بحاله ، كما لا يجب الإعطاء في المثال المذكور بعد الفحص عن حال المشكوك وعدم العلم باجتماع الوصفين فيه.
بل وجه ردّه قبل الفحص وبعده : أنّ وجوب التبيّن شرطيّ ، ومرجعه إلى اشتراط قبول الخبر في نفسه من دون اشتراط التبيّن فيه بعدالة المخبر ، فإذا شكّ في عدالته شكّ في قبول خبره في نفسه ، والمرجع في هذا الشكّ والمتعيّن فيه عدم القبول ؛ لأنّ عدم العلم بحجّية شيء كاف في عدم حجّيته.
ما يمكن أن يقال في المسألة
ثمّ الذي يمكن أن يقال في وجوب الفحص : أنّه إذا كان العلم بالموضوع المنوط به التكليف يتوقّف كثيرا على الفحص بحيث لو اهمل الفحص لزم الوقوع في مخالفة التكليف كثيرا ، تعيّن هنا بحكم العقلاء اعتبار الفحص ، ثمّ العمل بالبراءة ، كبعض الأمثلة المتقدّمة (٤) ؛ فإنّ إضافة جميع علماء البلد أو أطبّائهم لا يمكن للشخص الجاهل إلاّ بالفحص ،
__________________
(١) تقدّم كلامهما في الصفحة ٤٤٢ ـ ٤٤٣.
(٢) لم ترد «اقتضاء» في (ر).
(٣) في (ر) ، (ص) و (ه) زيادة : «المقتضي».
(٤) راجع الصفحة ٤٤٢.