قبح المؤاخذة إذا عجز العبد عن تحصيل العلم بجزء

وأمّا أوامر الموالي الصادرة بقصد الإطاعة ، فنلتزم (١) فيها بقبح المؤاخذة إذا عجز العبد عن تحصيل العلم بجزء فاطّلع عليه المولى وقدر على رفع جهله ولو على بعض الوجوه الغير المتعارفة إلاّ أنّه اكتفى بالبيان المتعارف فاختفى على العبد لبعض العوارض.

نعم ، قد يأمر المولى بمركّب يعلم أنّ المقصود منه تحصيل عنوان يشكّ في حصوله إذا أتى بذلك المركّب بدون ذلك الجزء المشكوك ، كما إذا أمر بمعجون وعلم أنّ المقصود منه إسهال الصفراء ، بحيث كان هو المأمور به في الحقيقة أو علم أنّه الغرض من المأمور به ، فإنّ تحصيل العلم بإتيان المأمور به لازم ، كما سيجيء في المسألة الرابعة (٢).

فإن قلت : إنّ الأوامر الشرعيّة كلّها من هذا القبيل ؛ لابتنائها على مصالح في المأمور به ، فالمصلحة فيها إمّا من قبيل العنوان في المأمور به أو من قبيل الغرض.

وبتقرير آخر : المشهور بين العدليّة أنّ الواجبات الشرعيّة إنّما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقليّة ، فاللطف إمّا هو المأمور به حقيقة أو غرض للآمر ، فيجب تحصيل العلم بحصول اللطف ، ولا يحصل إلاّ بإتيان كلّ ما شكّ في مدخليّته.

عدم ابتناء مسألة البراءة والاحتياط على مسألة اللطف

قلت : أوّلا : مسألة البراءة والاحتياط غير مبنيّة (٣) على كون كلّ واجب فيه مصلحة وهو لطف في غيره ، فنحن نتكلّم فيها على مذهب

__________________

(١) كذا في (ت) و (ه) ، وفي (ر) و (ص): «فيلتزم».

(٢) انظر الصفحة ٣٥٢.

(٣) في (ت) و (ص): «غير مبتنية».

۵۰۴۱