فالأوّل : مثل ما دلّ على الطهارة بالاستصحاب أو شهادة (١) العدلين ، فإنّه حاكم على ما دلّ على أنّه «لا صلاة إلاّ بطهور» ؛ فإنّه يفيد بمدلوله اللفظيّ : أنّ ما ثبت من الأحكام للطهارة في مثل «لا صلاة إلاّ بطهور» وغيرها ، ثابت للمتطهّر بالاستصحاب أو بالبيّنة.

والثاني مثل الأمثلة المذكورة.

وأمّا المتعارضان ، فليس في أحدهما دلالة لفظيّة على حال الآخر من حيث العموم والخصوص ، وإنّما يفيد حكما منافيا لحكم الآخر ، وبملاحظة تنافيهما وعدم جواز تحقّقهما واقعا يحكم بإرادة خلاف الظاهر في أحدهما المعيّن إن كان الآخر أقوى منه ، فهذا الآخر الأقوى قرينة عقليّة على المراد من الآخر ، وليس في مدلوله اللفظيّ تعرّض لبيان المراد منه. ومن هنا وجب ملاحظة الترجيح في القرينة ؛ لأنّ قرينيّته بحكم العقل بضميمة المرجّح.

أمّا إذا كان الدليل بمدلوله اللفظيّ كاشفا عن حال الآخر ، فلا يحتاج إلى ملاحظة مرجّح له ، بل هو متعيّن للقرينيّة بمدلوله له (٢). وسيأتي لذلك توضيح في تعارض الاستصحابين إن شاء الله تعالى (٣).

توهّم أن الضرر يتدارك بمصلحة الحكم الضرري المجعول

ثمّ إنّه يظهر ممّا ذكرنا ـ من حكومة الرواية وورودها في مقام الامتنان ، نظير أدلّة نفي الحرج والإكراه ـ : أنّ مصلحة الحكم الضرريّ المجعول بالأدلّة العامّة لا تصلح أن تكون تداركا للضرر ، حتّى يقال :

__________________

(١) كذا في (ر) ، وفي غيرها : «بشهادة».

(٢) لم ترد «له» في غير (ه).

(٣) لم يتعرّض المصنّف لهذا المطلب في مبحث تعارض الاستصحابين ، بل ذكره في مبحث التعادل والتراجيح ٤ : ١٣.

۵۰۴۱