إنّ الضرر يتدارك بالمصلحة العائدة إلى المتضرّر ، وإنّ الضرر المقابل بمنفعة راجحة عليه ليس بمنفيّ ، بل ليس ضررا.
فساد هذا التوهّم
توضيح الفساد : أنّ هذه القاعدة تدلّ على عدم جعل الأحكام الضرريّة واختصاص أدلّة الأحكام بغير موارد الضرر. نعم ، لو لا الحكومة ومقام الامتنان كان للتوهّم المذكور مجال.
دفع التوهّم برجسهٍ آخر
وقد يدفع : بأنّ العمومات الجاعلة للأحكام إنّما تكشف عن المصلحة في نفس الحكم ولو في غير مورد الضرر ، وهذه المصلحة لا يتدارك بها الضرر الموجود في مورده ؛ فإنّ الأمر بالحجّ والصلاة ـ مثلا ـ يدلّ على عوض ولو مع عدم الضرر ، ففي مورد الضرر لا علم بوجود ما يقابل الضرر.
فساد هذا الدفع
وهذا الدفع أشنع من أصل التوهّم ؛ لأنّه إذا سلّم عموم الأمر لصورة الضرر كشف عن وجود مصلحة يتدارك بها الضرر في هذا المورد.
مع أنّه يكفي حينئذ في تدارك الضرر الأجر المستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : «أفضل الأعمال أحمزها» (١) ، وما اشتهر في الألسن وارتكز في العقول من : «أنّ الأجر على قدر المشقّة».
فالتحقيق في دفع التوهّم المذكور : ما ذكرناه من الحكومة ، والورود في مقام الامتنان.
تماميّة القاعدة سندا ودلالة
ثمّ إنّك قد عرفت بما ذكرنا : أنّه لا قصور في القاعدة المذكورة من حيث مدركها ، سندا و (٢) دلالة ، إلاّ أنّ الذي يوهن فيها هي : كثرة
__________________
(١) البحار ٧٠ : ١٩١ و ٢٣٧.
(٢) كذا في (ظ) ، وفي غيرها : «أو».