الأمر المقدّمي (١) ، وعدم صيرورة المقدّمة بسببه عبادة ، وذكرنا ورود الإشكال من هذه الجهة على كون التيمّم من العبادات على تقدير عدم القول برجحانه في نفسه كالوضوء ؛ فإنّه لا منشأ حينئذ لكونه منها إلاّ الأمر المقدّميّ به من الشارع.
هل يمكن إثبات الوجوب الشرعي المصحّح لنيّة الوجه والقربة؟
فإن قلت : يمكن إثبات الوجوب الشرعيّ المصحّح لنيّة الوجه والقربة في المحتملين ؛ لأنّ الأوّل منهما واجب بالإجماع ولو فرارا عن المخالفة القطعيّة ، والثاني واجب بحكم الاستصحاب المثبت للوجوب الشرعيّ الظاهريّ ؛ فإنّ مقتضى الاستصحاب بقاء الاشتغال وعدم الإتيان بالواجب الواقعيّ وبقاء وجوبه.
قلت : أمّا المحتمل المأتيّ به أوّلا فليس واجبا في الشرع لخصوص كونه ظهرا أو جمعة ، وإنّما وجب لاحتمال تحقّق الواجب به الموجب للفرار عن المخالفة ، أو للقطع بالموافقة إذا اتي معه بالمحتمل الآخر ، وعلى أيّ تقدير فمرجعه إلى الأمر بإحراز الواقع ولو احتمالا.
وأمّا المحتمل الثاني فهو أيضا ليس إلاّ بحكم العقل من باب المقدّمة. وما ذكر من الاستصحاب ، فيه ـ بعد منع جريان الاستصحاب في هذا المقام ؛ من جهة حكم العقل من أوّل الأمر بوجوب الجميع و (٢) بعد الإتيان بأحدهما يكون حكم العقل باقيا قطعا ؛ وإلاّ لم يكن حاكما بوجوب الجميع وهو خلاف الفرض ـ :
أنّ مقتضى الاستصحاب وجوب البناء على بقاء الاشتغال حتّى
__________________
(١) انظر مطارح الأنظار : ٧١.
(٢) في (ت) و (ر) بدل «و» : «إذ».