أدلّة القول بجواز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام :
احتجّ من جوّز ارتكاب ما عدا مقدار الحرام ومنع عنه بوجهين :
الأوّل :
١ ـ ما دلّ على حِلّ مالم يعلم حرمته
الأخبار الدالّة على حلّ ما لم يعلم حرمته التي تقدّم بعضها (١) ، وإنّما منع من ارتكاب مقدار الحرام ؛ إمّا لاستلزامه للعلم بارتكاب الحرام وهو حرام ، وإمّا لما ذكره بعضهم (٢) : من أنّ ارتكاب مجموع المشتبهين حرام ؛ لاشتماله على الحرام ، قال في توضيح ذلك :
إنّ الشارع منع عن استعمال الحرام المعلوم وجوّز استعمال ما لم يعلم حرمته ، والمجموع من حيث المجموع معلوم الحرمة ولو باعتبار جزئه وكذا كلّ منهما بشرط الاجتماع مع الآخر ، فيجب اجتنابه ، وكلّ منهما بشرط الانفراد مجهول الحرمة فيكون حلالا (٣).
المناقشة في الدليل المذكور
والجواب عن ذلك : أنّ الأخبار المتقدّمة ـ على ما عرفت (٤) ـ إمّا أن لا تشمل شيئا من المشتبهين ، وإمّا أن تشملهما جميعا ، وما ذكر (٥) من الوجهين لعدم جواز ارتكاب الأخير بعد ارتكاب الأوّل ، فغير صالح للمنع.
أمّا الأوّل ؛ فلأنّه : إن اريد أنّ مجرّد تحصيل العلم بارتكاب الحرام
__________________
(١) راجع الصفحة ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٢) هو الفاضل النراقي قدسسره في مناهج الأحكام.
(٣) مناهج الأحكام : ٢١٧.
(٤) راجع الصفحة ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(٥) في (ص): «ذكره».