تصرّف المالك في ملكه وإن تضرّر الجار ، بأن يبني داره مدبغة أو حمّاما أو بيت القصارة أو الحدادة ، بل حكي عن الشيخ (١) والحلبيّ (٢) وابن زهرة (٣) دعوى الوفاق عليه.
ولعلّه أيضا منشأ ما في التذكرة (٤) : من الفرق بين تصرّف الإنسان في الشارع المباح بإخراج روشن أو جناح ، وبين تصرّفه في ملكه ، حيث اعتبر في الأوّل عدم تضرّر الجار بخلاف الثاني ؛ فإنّ المنع عن التصرّف في المباح لا يعدّ ضررا بل فوات انتفاع.
إشكال المحقّق السبزواري فيما إذا تضرّر الجار ضررا فاحشا
نعم ، ناقش في ذلك صاحب الكفاية ـ مع الاعتراف بأنّه المعروف بين الأصحاب ـ : بمعارضة عموم التسلّط بعموم نفي الضرر ، قال في الكفاية :
ويشكل جواز ذلك فيما إذا تضرّر الجار تضرّرا فاحشا ، كما إذا حفر في ملكه بالوعة ففسد بها بئر الغير ، أو جعل حانوته في صفّ العطّارين حانوت حدّاد ، أو جعل داره مدبغة أو مطبخة (٥) ، انتهى.
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٢٧٢.
(٢) كذا في النسخ ، ولكنّ الصحيح : «الحلّي» ؛ لأنّه من جملة من حكى عنهم في مفتاح الكرامة عدم الخلاف في المسألة ، انظر مفتاح الكرامة ٧ : ٢٢ ، والسرائر ٢ : ٣٨٢.
(٣) الغنية : ٢٩٥.
(٤) التذكرة (الطبعة الحجريّة) ٢ : ١٨٢.
(٥) كفاية الأحكام : ٢٤١.