بالحكم مستفاد من صغرى وجدانيّة ، وهي : «هذا ما أدّى إليه ظنّي» ، وكبرى برهانيّة ، وهي : «كلّ ما أدّى إليه ظنّي فهو حكم الله في حقّي» ، فإنّ الحكم المعلوم منهما هو الحكم الظاهريّ ـ ، فإذا كان مفاد الأصل ثبوت الإباحة للفعل الغير المعلوم الحرمة ، كانا متعارضين لا محالة ، فإذا بني على العمل بتلك الأمارة كان فيه خروج عن عموم الأصل وتخصيص له لا محالة.

التحقيق حكومة دليل الأمارة على الاصول الشرعيّة

هذا ، ولكنّ التحقيق : أنّ دليل تلك الأمارة وإن لم يكن كالدليل العلميّ رافعا لموضوع الأصل ، إلاّ أنّه نزّل شرعا منزلة الرافع ، فهو حاكم على الأصل لا مخصّص له ، كما سيتّضح (١) إن شاء الله تعالى.

ارتفاع موضوع الاصول العقليّة بالأدلّة الظنّية

على : أنّ ذلك إنّما يتمّ بالنسبة إلى الأدلّة الشرعيّة ، وأمّا الأدلّة العقليّة القائمة على البراءة والاشتغال فارتفاع موضوعها بعد ورود الأدلّة الظنّيّة واضح ؛ لجواز الاقتناع بها في مقام البيان وانتهاضها رافعا لاحتمال العقاب كما هو ظاهر. وأمّا التخيير فهو أصل عقليّ لا غير (٢).

انحصار الاصول في أربعة

واعلم : أنّ المقصود بالكلام في هذه الرسالة (٣) الاصول المتضمّنة لحكم الشبهة في الحكم الفرعيّ الكليّ وإن تضمّنت حكم الشبهة في الموضوع أيضا ، وهي منحصرة في أربعة : «أصل البراءة» ، و «أصل الاحتياط» ، و «التخيير» ، و «الاستصحاب» بناء على كونه ظاهريّا ثبت

__________________

(١) انظر مبحث التعادل والتراجيح ٤ : ١٣.

(٢) في (ت) ، (ص) و (ه) زيادة : «كما سيتّضح إن شاء الله».

(٣) في (ت) ، (ص) و (ه) بدل «هذه الرسالة» : «هذا المقصد».

۵۰۴۱