أقسام الشكّ في التكليف (١).
حكومة أخبار البراءة على استصحاب الاشتغال أيضا
وممّا ذكرنا يظهر : حكومة هذه الأخبار على استصحاب الاشتغال على تقدير القول بالأصل المثبت أيضا كما أشرنا إليه سابقا (٢) ؛ لأنّه إذا أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الأكثر الذي حجب العلم بوجوبه ، كان المستصحب ـ وهو الاشتغال المعلوم سابقا ـ غير متيقّن إلاّ بالنسبة إلى الأقلّ ، وقد ارتفع بإتيانه ، واحتمال بقاء الاشتغال حينئذ من جهة (٣) الأكثر منفيّ (٤) بحكم هذه الأخبار.
وبالجملة : فما ذكره ، من حكومة أدلّة الاشتغال على هذه الأخبار ضعيف جدّا ؛ نظرا إلى ما تقدّم (٥).
استدلال صاحب الفصول بأخبار البراءة على نفي الحكم الوضعي
وأضعف من ذلك : أنّه رحمهالله عدل ـ من أجل هذه الحكومة التي زعمها لأدلّة الاحتياط على هذه الأخبار ـ عن الاستدلال بها لمذهب المشهور من حيث نفي الحكم التكليفيّ ، إلى التمسّك بها في نفي الحكم الوضعيّ ، أعني جزئيّة الشيء المشكوك أو شرطيّته ، وزعم أنّ ماهيّة المأمور به تبيّن (٦) ظاهرا كونها الأقلّ بضميمة نفي جزئيّة المشكوك ، ويحكم بذلك على أصالة الاشتغال.
__________________
(١) راجع الصفحة ٥٠.
(٢) راجع الصفحة ٣٢٦.
(٣) في (ص) زيادة : «كون الواجب هو»
(٤) في (ظ) بدل «منفيّ» : «ملقى».
(٥) راجع الصفحة ٣٢٥ ـ ٣٢٦.
(٦) في (ظ): «يتبيّن».