عوقب عليه من حيث إفضائه إلى مخالفة تلك التكاليف ، ففي زمان الارتكاب لا تكليف ؛ لانقطاع التكليف حين ترك المقدّمة وهي المعرفة.
ونظيره : من ترك قطع المسافة في آخر أزمنة الإمكان ؛ حيث إنّه يستحقّ أن يعاقب عليه ؛ لإفضائه إلى ترك أفعال الحجّ في أيّامها ، ولا يتوقّف استحقاق عقابه على حضور أيّام الحجّ وأفعاله.
ما هو مراد المشهور القائلين بالعقاب على مخالفة الواقع؟
وحينئذ : فإن أراد المشهور توجّه النهي إلى الغافل حين غفلته ، فلا ريب في قبحه.
وإن أرادوا استحقاق العقاب على المخالفة وإن لم يتوجّه إليه نهي وقت المخالفة :
فإن أرادوا أنّ الاستحقاق على المخالفة وقت المخالفة ، لا قبلها ؛ لعدم تحقّق معصية ، ففيه :
أنّه لا وجه لترقّب حضور زمان المخالفة ؛ لصيرورة الفعل مستحيل الوقوع لأجل ترك المقدّمة. مضافا إلى شهادة العقلاء قاطبة بحسن مؤاخذة من رمى سهما لا يصيب زيدا ولا يقتله إلاّ بعد مدّة مديدة ، بمجرّد الرمي.
وإن أرادوا استحقاق العقاب في زمان ترك المعرفة على ما يحصل بعد من المخالفة ، فهو حسن لا محيص عنه.
ظاهر بعض كلماتهم توجّه النهي إلى الجاهل حين غفلته
هذا ، ولكن بعض كلماتهم ظاهرة في الوجه الأوّل ، وهو توجّه النهي إلى الجاهل حين عدم التفاته ؛ فإنّهم يحكمون بفساد الصلاة في المغصوب جاهلا بالحكم ؛ لأنّ الجاهل كالعامد ، وأنّ التحريم لا يتوقّف على العلم به (١).
__________________
(١) انظر المنتهى ٤ : ٢٣٠ ، ومفتاح الكرامة ٢ : ١٦٠ و ١٩٨.