الثاني
هل تختصّ المؤاخذة بصورة الوقوع في الحرام ، أم لا؟
أنّ وجوب الاجتناب عن كلّ من المشتبهين ، هل هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه حذرا من الوقوع في المؤاخذة بمصادفة ما ارتكبه للحرام الواقعيّ ؛ فلا مؤاخذة إلاّ على تقدير الوقوع في الحرام ، أو هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث إنّه مشتبه ؛ فيستحقّ المؤاخذة بارتكاب أحدهما ولو لم يصادف الحرام ، ولو ارتكبهما استحقّ عقابين؟
الأقوى الاختصاص والدليل عليه
فيه وجهان ، بل قولان. أقواهما : الأوّل ؛ لأنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر ـ بمعنى العقاب المحتمل بل المقطوع ـ حكم إرشاديّ ، وكذا لو فرض أمر الشارع بالاجتناب عن عقاب محتمل أو مقطوع بقوله : «تحرّز عن الوقوع في معصية النهي عن الزنا» ، لم يكن إلاّ إرشاديّا ، ولم يترتّب على موافقته ومخالفته سوى خاصيّة نفس المأمور به وتركه ، كما هو شأن الطلب الإرشاديّ.
وإلى هذا المعنى أشار صلوات الله عليه بقوله : «اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس» (١) ، وقوله : «من ارتكب الشبهات
__________________
(١) لم نعثر عليه بعينه ، نعم ورد ما يقرب منه في البحار ٧٧ : ١٦٦ ، الحديث ١٩٢.