الثاني
قد عرفت (١) : أنّ الجاهل العامل بما يوافق البراءة مع قدرته على الفحص واستبانة الحال ، غير معذور ، لا من حيث العقاب ولا من جهة سائر الآثار ، بمعنى : أنّ شيئا من آثار الشيء المجهول ـ عقابا أو غيره من الآثار المترتّبة على ذلك الشيء في حقّ العالم ـ لا يرتفع عن الجاهل لأجل جهله.
معذوريّة الجاهل بالقصر والإتمام والجهر والإخفات
وقد استثنى الأصحاب من ذلك : القصر والإتمام والجهر والإخفات ، فحكموا بمعذوريّة الجاهل في هذين الموضعين (٢). وظاهر كلامهم إرادتهم العذر من حيث الحكم الوضعيّ ، وهي الصحّة بمعنى سقوط الفعل ثانيا دون المؤاخذة ، وهو الذي يقتضيه دليل المعذوريّة في الموضعين أيضا.
الإشكال الوارد في المسألة
فحينئذ : يقع الإشكال في أنّه إذا لم يكن معذورا من حيث الحكم التكليفيّ كسائر الأحكام المجهولة للمكلّف المقصّر ، فيكون تكليفه بالواقع
__________________
(١) راجع الصفحة ٤١٢.
(٢) انظر مفتاح الكرامة ٢ : ٣٨٤ ، و ٣ : ٦٠١.