احتجّ للقول الأوّل بالأدلّة الأربعة :
أدلّة القول بالإباحة وعدم وجوب الاحتياط :
فمن الكتاب آيات :
منها : قوله تعالى : ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها﴾(١).
قيل : دلالتها واضحة (٢).
الاستدلال بآية «ولا يكلّف الله ...» والمناقشة فيه
وفيه : أنّها غير ظاهرة ؛ فإنّ حقيقة الإيتاء الإعطاء ، فإمّا أن يراد بالموصول المال ـ بقرينة قوله تعالى قبل ذلك : ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ﴾(٣) ـ ، فالمعنى : أنّ الله سبحانه لا يكلّف العبد إلاّ دفع ما اعطي من المال.
وإمّا أن يراد نفس فعل الشيء أو تركه ـ بقرينة إيقاع التكليف عليه ـ ، فإعطاؤه كناية عن الإقدار عليه ، فتدلّ على نفي التكليف بغير المقدور ـ كما ذكره الطبرسيّ (٤) قدسسره ـ وهذا المعنى أظهر وأشمل ؛ لأنّ الإنفاق من الميسور داخل في «ما آتاه الله».
وكيف كان : فمن المعلوم أنّ ترك ما يحتمل التحريم ليس غير مقدور ؛ وإلاّ لم ينازع في وقوع التكليف به أحد من المسلمين ، وإن نازعت الأشاعرة في إمكانه.
نعم ، لو اريد من الموصول نفس الحكم والتكليف ، كان إيتاؤه
__________________
(١) الطلاق : ٧.
(٢) قاله الفاضل النراقي في المناهج : ٢١٠.
(٣) الطلاق : ٧.
(٤) مجمع البيان ٥ : ٣٠٩.