وبالجملة : فهذه الأمثلة الثلاثة بملاحظة الأصل الأوّليّ محكومة بالحرمة ، والحكم بحلّيتها إنّما هو من حيث الأصل الموضوعي الثانويّ ، فالحلّ غير مستند إلى أصالة الإباحة في شيء منها.
هذا ، ولكن في (١) الأخبار المتقدّمة بل جميع الأدلّة المتقدّمة من الكتاب والعقل كفاية ، مع أنّ صدرها وذيلها ظاهران في المدّعى.
توهّم عدم جريان قبح التكليف من غير بيان في المسألة والجواب عنه
وتوهّم : عدم جريان قبح التكليف بلا بيان هنا ؛ نظرا إلى أنّ الشارع بيّن حكم الخمر ـ مثلا ـ فيجب حينئذ اجتناب كلّ ما يحتمل كونه خمرا ـ من باب المقدّمة العلميّة ـ ؛ فالعقل لا يقبّح العقاب خصوصا على تقدير مصادفة الحرام.
مدفوع : بأنّ النهي عن الخمر يوجب حرمة الأفراد المعلومة تفصيلا والمعلومة إجمالا المتردّدة بين محصورين (٢) ، والأوّل لا يحتاج إلى مقدّمة علميّة ، والثاني يتوقّف على الاجتناب من أطراف الشبهة لا غير ، وأمّا ما احتمل كونه خمرا من دون علم إجماليّ فلم يعلم من النهي تحريمه ، وليس مقدّمة للعلم باجتناب فرد محرّم يحسن العقاب عليه.
فلا فرق بعد فرض عدم العلم بحرمته ولا بتحريم خمر يتوقّف العلم باجتنابه على اجتنابه ، بين هذا الفرد المشتبه وبين الموضوع الكلّي المشتبه حكمه ـ كشرب التتن ـ في قبح العقاب عليه.
__________________
(١) في (ص) زيادة : «باقي».
(٢) كذا في (ه) وفي غيرها : محصور.