وجهين بل قولين :
من عدم جريان أدلّة البراءة في المعيّن ؛ لأنّه معارض بجريانها في الواحد المخيّر ، وليس بينهما (١) قدر مشترك خارجيّ أو ذهنيّ يعلم تفصيلا وجوبه فيشكّ في جزء زائد خارجيّ أو ذهنيّ.
ومن أنّ الإلزام بخصوص أحدهما كلفة زائدة على الإلزام بأحدهما في الجملة ، وهو ضيق على المكلّف ، وحيث لم يعلم المكلّف بتلك الكلفة فهي موضوعة عن المكلّف بحكم : «ما حجب الله علمه عن العباد» (٢) ، وحيث لم يعلم بذلك الضيق فهو في سعة منه بحكم : «الناس في سعة ما لم يعلموا» (٣). وأمّا وجوب الواحد المردّد بين المعيّن والمخيّر فيه فهو معلوم ، فليس موضوعا عنه ولا هو في سعة من جهته.
المسألة في غاية الإشكال
والمسألة (٤) في غاية الإشكال ؛ لعدم الجزم باستقلال العقل بالبراءة عن التعيين بعد العلم الإجماليّ ، وعدم كون المعيّن المشكوك فيه أمرا خارجا عن المكلّف به مأخوذا فيه على وجه الشطريّة أو الشرطيّة ، بل هو على تقديره عين المكلّف به ، والأخبار غير منصرفة إلى نفي التعيين ؛ لأنّه في معنى نفي الواحد المعيّن ، فيعارض بنفي الواحد المخيّر ؛ فلعلّ الحكم بوجوب الاحتياط وإلحاقه بالمتباينين لا يخلو عن قوّة ، بل الحكم
__________________
(١) في (ص): «لهما».
(٢) الوسائل ١٨ : ١١٩ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٨.
(٣) عوالي اللآلي ١ : ٤٢٤ ، الحديث ١٠٩.
(٤) في غير (ظ): «فالمسألة».