عدم كون هذه المسألة من مسألة الإجزاء

وممّا ذكرنا ظهر : أنّه ليس هذه المسألة من مسألة اقتضاء الأمر للإجزاء في شيء ؛ لأنّ تلك المسألة مفروضة فيما إذا كان المأتيّ به مأمورا به بأمر شرعيّ ، كالصلاة مع التيمّم أو بالطهارة المظنونة ، وليس في المقام أمر بما أتى به الناسي أصلا.

توهّمُ ودفع

وقد يتوهّم : أنّ في المقام أمرا عقليّا ؛ لاستقلال العقل بأنّ الواجب في حقّ الناسي هو هذا المأتيّ به ، فيندرج ـ لذلك ـ في إتيان المأمور به بالأمر العقليّ.

وهو فاسد جدّا ؛ لأنّ العقل ينفي تكليفه بالمنسيّ ولا يثبت له تكليفا بما عداه من الأجزاء ، وإنّما يأتي بها بداعي الأمر بالعبادة الواقعيّة غفلة عن عدم كونه إيّاها ؛ كيف والتكليف ـ عقليّا كان أو شرعيّا ـ يحتاج إلى الالتفات ، وهذا الشخص غير ملتفت إلى أنّه ناس عن الجزء حتّى يكلّف بما عداه.

توهّمُ آخر ودفعه

ونظير هذا التوهّم : توهّم أنّ ما يأتي به الجاهل المركّب باعتقاد أنّه المأمور به ، من باب إتيان المأمور به بالأمر العقلي.

وفساده يظهر ممّا ذكرنا بعينه.

وأمّا ما ذكره : من أنّ دليل الجزء قد يكون من قبيل التكليف ، وهو ـ لاختصاصه بغير الغافل ـ لا يقيّد (١) الأمر بالكلّ إلاّ بقدر مورده ، وهو غير الغافل ، فإطلاق الأمر بالكلّ ـ المقتضي لعدم جزئيّة هذا الجزء له بالنسبة إلى الغافل ـ بحاله ، ففيه :

أنّ التكليف المذكور إن كان تكليفا نفسيّا ، فلا يدلّ على كون

__________________

(١) في (ت) و (ص) زيادة : «إطلاق».

۵۰۴۱