بالأجزاء ، لا يوجب جريان أصالة عدم الوجوب أو أصالة البراءة.
المناقشة في هذا الأصل
لكنّ الإنصاف : أنّ التمسّك بأصالة عدم وجوب الأكثر لا ينفع في المقام ، بل هو قليل الفائدة ؛ لأنّه : إن قصد به نفي أثر الوجوب الذي هو استحقاق العقاب بتركه ، فهو وإن كان غير معارض بأصالة عدم وجوب الأقلّ كما ذكرنا ، إلاّ أنّك قد عرفت فيما تقدّم في الشكّ في التكليف (١) : أنّ استصحاب عدم التكليف المستقلّ (٢) ـ وجوبا أو تحريما ـ لا ينفع في دفع (٣) استحقاق العقاب على الترك أو الفعل ؛ لأنّ عدم استحقاق العقاب ليس من آثار عدم الوجوب والحرمة الواقعيّين حتّى يحتاج إلى إحرازهما بالاستصحاب ، بل يكفي فيه عدم العلم بهما ، فمجرّد الشكّ فيهما كاف في عدم استحقاق العقاب بحكم العقل القاطع.
وقد أشرنا إلى ذلك عند التمسّك في حرمة العمل بالظنّ بأصالة عدم حجّيته ، وقلنا : إنّ الشكّ في حجّيته كاف في التحريم ولا يحتاج إلى إحراز عدمها بالأصل (٤).
وإن قصد به نفي الآثار المترتّبة على الوجوب النفسيّ المستقلّ ، فأصالة عدم هذا الوجوب في الأكثر معارضة بأصالة عدمه في الأقلّ ، فلا تبقى لهذا الأصل فائدة إلاّ في نفي ما عدا العقاب من الآثار المترتّبة على مطلق الوجوب الشامل للنفسيّ والغيريّ.
__________________
(١) راجع الصفحة ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) لم ترد «المستقلّ» في (ظ).
(٣) في (ظ) ونسخة بدل (ص): «رفع».
(٤) راجع مبحث الظن ١ : ١٢٧ ـ ١٢٨.