وهو القصر بالنسبة إلى المسافر باقيا ، وما يأتي به ـ من الإتمام المحكوم بكونه مسقطا ـ إن لم يكن مأمورا به فكيف يسقط الواجب؟ وإن كان مأمورا به فكيف يجتمع الأمر به مع فرض وجود الأمر بالقصر؟
دفع الإشكال من وجوه ،
ودفع هذا الإشكال : إمّا بمنع تعلّق التكليف فعلا بالواقعيّ المتروك ، وإمّا بمنع تعلّقه بالمأتيّ به ، وإمّا بمنع التنافي بينهما.
الوجه الأوّل
فالأوّل ، إمّا بدعوى كون القصر مثلا واجبا على المسافر العالم ، وكذا الجهر والإخفات.
وإمّا بمعنى معذوريّته فيه ، بمعنى : كون الجهل بهذه المسألة كالجهل بالموضوع يعذر صاحبه ، ويحكم عليه ظاهرا بخلاف الحكم الواقعيّ. وهذا الجاهل وإن لم يتوجّه إليه خطاب مشتمل على حكم ظاهريّ ـ كما في الجاهل بالموضوع ـ ، إلاّ أنّه مستغنى عنه (١) باعتقاده لوجوب هذا الشيء عليه في الواقع.
وإمّا من جهة القول بعدم تكليف الغافل بالواقع ، وكونه مؤاخذا على ترك التعلّم ، فلا يجب عليه القصر ؛ لغفلته عنه. نعم يعاقب على عدم إزالة الغفلة ، كما تقدّم استظهاره من صاحب المدارك ومن تبعه (٢).
وإمّا من جهة تسليم تكليفه بالواقع ، إلاّ أنّ الخطاب بالواقع ينقطع عند الغفلة ؛ لقبح خطاب العاجز. وإن كان العجز بسوء اختياره فهو معاقب حين الغفلة على ترك القصر ، لكنّه ليس مأمورا به حتّى يجتمع مع فرض وجود الأمر بالإتمام.
__________________
(١) كذا في غير (ه) ، وفيها : «مستثنى عنه» ، ولعلّ الأنسب : «مستغن عنه».
(٢) راجع الصفحة ٤٢١.