بل يمكن أن يجعل هذان الاتّفاقان المحكيّان من أهل المعقول والمنقول المعتضدان بالشهرة العظيمة ، دليلا في المسألة ، فضلا عن كونهما منشأ للشكّ الملزم للاحتياط ، كما ذكرنا (١).
لو توقّف الاحتياط على التكرار
وأمّا الثاني وهو ما يتوقّف الاحتياط فيه على تكرار العبادة ، فقد يقوى في النظر ـ أيضا ـ : جواز ترك الطريقين فيه إلى الاحتياط بتكرار العبادة ، بناء على عدم اعتبار نيّة الوجه.
قوّة احتمال اعتبار الإطاعة التفصيليّة دون الاحتماليّة
لكنّ الإنصاف : عدم العلم بكفاية هذا النحو من الإطاعة الإجماليّة ، وقوّة احتمال اعتبار الإطاعة التفصيليّة في العبادة ، بأن يعلم المكلّف حين الاشتغال بما يجب عليه ، أنّه هو الواجب عليه.
ولذا يعدّ تكرار العبادة ـ لإحراز الواقع ـ مع التمكّن من العلم التفصيليّ به أجنبيّا عن سيرة المتشرّعة ، بل من أتى بصلوات غير محصورة لإحراز شروط صلاة واحدة ـ بأن صلّى في موضع تردّد فيه القبلة بين أربع جهات ، في خمسة أثواب أحدها طاهر ، ساجدا على خمسة أشياء أحدها ما يصحّ السجود عليه ، مائة صلاة ـ مع التمكّن من صلاة واحدة يعلم فيها تفصيلا اجتماع الشروط الثلاثة ، يعدّ في الشرع والعرف لاعبا بأمر المولى.
والفرق بين الصلوات الكثيرة وصلاتين لا يرجع إلى محصّل.
نعم ، لو كان ممّن لا يتمكّن من العلم التفصيليّ ، كان ذلك منه محمودا مشكورا.
وببالي : أنّ صاحب الحدائق قدسسره يظهر منه : دعوى الاتّفاق على
__________________
(١) راجع الصفحة ٤٠٧.