الإطلاق. وهل المدّعى من خالف قوله الأصل أو الظاهر ، والمنكر من وافق قوله للأصل أو الظاهر ، أم لا؟ وإنما ذلك مذكور في كلمات الأصحاب (قدس الله أسرارهم) خاصّة. وهو إن كان صحيحاً بحسب الغالب ، إلّا أنه لا دليل على ثبوته على نحو الكبرى الكلّية.

ومن هنا فلا محيص عن الرجوع إلى العرف لتحديد المفهومين ، ومن الواضح أنّ مقتضاه كون من يطالب غيره بشي‌ء ويلزمه به ويكون مطالباً لدى العقلاء بالإثبات مدعياً ، وخصمه الذي لا يطالب بشي‌ء منكراً.

نعم ، يستثني من ذلك ما إذا اعترف الخصم بأصل الحقّ وادّعى وفاءه ، كما إذا اعترف بالاستقراض مدعياً أداءه وفراغ ذمّته. فإنه حينئذ وإن كان الدائن هو المطالب غيره بالمال والملزم له به ، إلّا أنه يعتبر منكراً وعلى خصمه إثبات الأداء وذلك لاعترافه بأصل الدَّين ، فإنه يوجب انقلاب المدّعى لولا الاعتراف منكراً والمنكر لولاه مدعياً.

والحاصل أنه لا أثر لموافقة الأصل أو الظاهر أو مخالفته لهما في تحديد المدّعى والمنكر ، إذ لا دليل على شي‌ء مما ذكره الأصحاب في كلماتهم في المقام ، وإنما العبرة بما ذكرناه من الرجوع إلى العرف وتحديد المدّعى والمنكر على ضوء الفهم العرفي.

وعليه ففي المقام وإن كان قول كلّ منهما مخالفاً للأصل الموضوعي ، إلّا أنّ ذلك لا يمنع من كون المضمون له هو المدعي ، باعتبار أنه الذي يطالب خصمه المضمون عنه بالمال نتيجة للفسخ بالخيار ، بعد اعترافه ببراءة ذمّته وفراغها منه بالضمان ويكون هو الملزم بالإثبات لدى العقلاء.

وبعبارة اخرى : إنّ اشتغال ذمّة المضمون عنه ثانياً نتيجة للفسخ من قبل المضمون له بالمال ورجوع الدَّين إليها من ذمّة الضامن ، لما كان محتاجاً لدى العقلاء إلى الإثبات ، كان المضمون له هو المدعي لا محالة ، فإن أمكنه الإثبات فهو ، وإلّا فالقول قول المضمون عنه.

إذن فالصحيح أنّ المقام من موارد المدعي والمنكر ، لاختصاص المطالبة والإلزام بأحد الطرفين دون الآخر ، وليس من موارد التداعي كما توهّمه بعضهم.

۵۵۰