والثاني من القرض ، بمعنى : القطع ، لقطع المالك حصّة من ماله ودفعه إلى العامل ليتَّجر به. وعليه العامل مقارض بالبناء للمفعول ، وعلى الأوّل مضارب بالبناء للفاعل.

وكيف كان ، عبارة عن دفع (١) الإنسان مالاً إلى غيره ليتَّجر به ، على أن يكون الربح بينهما ، لا أن يكون تمام الربح للمالك ، ولا أن يكون تمامه للعامل.

وتوضيح ذلك : أنّ من دفع مالاً إلى غيره للتجارة :

تارة على أن يكون الربح بينهما ، وهي مضاربة.

وتارة على أن يكون تمامه للعامل ، وهذا داخل في عنوان القرض إن كان بقصده (٢).

وتارة على أن يكون تمامه للمالك ، ويسمّى عندهم باسم البضاعة.


مع مفهوم (خدع) حيث إنّ الثاني ظاهر في تحقّق المادة في الخارج ، في حين إن الأوّل لا يدلّ إلّا على تصدّي الفاعل وإرادته لذلك ، من غير اعتبار لتحقّقه في الخارج.

وعلى هذا الأساس فلا حاجة لتحمل عناء ما ذكر من التأويلات لتصحيح صدق المفاعلة على المضاربة ، فإنها صادقة عليها حقيقة ومن غير حاجة إلى التأويل ، نظراً لقيام المالك مقام الضرب وتصدّيه للقرض.

(١) بل هو عقد بين المالك والعامل.

(٢) وإلّا فيبقى المال في ملك المالك ، ومقتضى قانون تبعية الربح لرأس المال كونه بأكمله للمالك.

وبعبارة اخرى : إنّ القرض يتوقف على القصد. فإن قصدا ذلك كان المال ملكاً للعامل ، وحينئذٍ فتكون الأرباح وبمقتضى القاعدة ملكاً له أيضاً. وإلّا ، بأنْ قصد المالك إبقاء المال على ملكه ، كانت المعاملة من المضاربة الفاسدة ، فتجري عليها أحكامها. وذلك لأن كون تمام الربح للعامل غير ممضى شرعاً ، لعدم الدليل عليه ومقتضى القاعدة تبعية الربح للمال.

۵۵۰