بإلزام كل من طرفي النزاع لصاحبه بشي‌ء وإنكاره لما يدّعيه الآخر. فإنّ هذا الملاك إذا تحقق في مورد ، كان ذلك المورد من التداعي وثبت فيه التحالف ، وإلّا فهو أجنبي عنه.

وعليه ففيما نحن فيه ، فحيث إنّ الإلزام يختص بطرف واحد خاصة وهو المالك حيث يلزم العامل وبحسب دعواه للمزارعة بدفع الحصّة من النتاج له ، دون العكس فإنّ العامل وبحسب دعواه للعارية لا يلزم المالك بشي‌ء إطلاقاً ، غاية الأمر أنه ينكر عليه ما يدعيه خاصة ، فالمورد خارج عن باب التداعي وداخل في باب المدّعى والمنكر ، فعلى المدّعى الإثبات وعلى المنكر اليمين.

ومجرّد كون كل منهما يدّعي أمراً وجودياً ، لا يجعل المقام من التداعي.

والحاصل أنّ الإلزام في المقام لما كان يختص بطرف واحد فقط ، لم يكن وجه لجعله من مصاديق التداعي ، ومن ثمّ إثبات اليمين على الطرفين فيه. فإنه من مصاديق المدّعى والمنكر ، ولا بدّ فيه من الرجوع إلى القواعد المذكورة له في باب القضاء ومقتضاها أنّ المدّعى إذا تمكن من إثبات دعواه بالبيّنة أو اليمين المردودة فهو ، وإلّا فالنتاج بأجمعه للمنكر.

وأما مسألة ثبوت اجرة مثل الأرض على العامل للمالك ، لكونه قد تصرف فيها واستوفى منفعتها ، فقد تعرض لها قدس‌سره في كتاب الإجارة في مسألة ما إذا ادّعى الساكن للدار العارية وادّعى المالك الإجارة. وقد عرفت أنه لا موجب لها بالمرّة ، لأن ضمان المنافع إنما يثبت بالعقد والالتزام ، أو بوضع اليد والتصرّف في مال الغير بغير إذنه.

ولا شي‌ء منها موجود في المقام ، أما الأوّل ، فلعدم ثبوته كما هو المفروض. وأما الثاني ، فلإحراز عدمه ، لكون تصرّفه العامل في المال بإذن المالك جزماً ، وإن تردد كونه في ضمن المزارعة أو العارية.

وقد تعرّضنا لتحقيق المسألة مفصّلاً في كتاب الإجارة ، فراجع.

بل في المقام خصوصية زائدة تقتضي ثبوت اجرة المثل حتى ولو قلنا بثبوتها في

۵۵۰