منها : ما يختصّ بالبيع وتمليك الأعيان ، كقوله تعالى ﴿لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ (١). فإنّ أخْذ المال ثانياً بعد تمليكه للغير منه قهراً عليه ، تجارة من غير تراض وأكْل للمال بالباطل. وقولهم عليهم‌السلام : «البيعان بالخيار ما لم يفترقا» (٢).

ومنها : ما هو عام لجميع العقود ، كاستصحاب بقاء الملكيّة ، وقوله تعالى ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (٣).

وفي الأوّل مما يعمّ محل الكلام بحث طويل وعريض ، من حيث كونه استصحاباً كلياً أو شخصياً ، وأنّه من قبيل الشك في المقتضي أو الشك في الرافع.

فقد أورد عليه المحقق الخراساني والسيد اليزدي قدس‌سرهما بأنه من الأوّل (٤) لكننا قد أوضحنا في محلّه أنه ليس منه ، وأنه من الشك في الرافع.

لكنك قد عرفت هناك أيضاً ، أنه لا أثر لهذا الاستصحاب ، لأنه من استصحاب الأحكام الكليّة الإلهية ، وهو غير تامّ على ما بيّناه في محلّه.

نعم ، الاستدلال الثاني تام ومتين ، ومقتضاه لزوم العقد في المقام وغيره.

وذلك لأنّ الأمر بالوفاء ليس أمراً تكليفياً محضاً ، إذ لا يحتمل كون الفسخ على تقديري ثبوته وعدمه من المحرمات الإلهية ، وإنما هو أمر إرشادي إلى عدم ثبوت حق رفع اليد عنه له ، فإنّ معنى الوفاء بالعقد إنهاؤه وإتمامه والالتزام بمقتضاه.

ومن هنا فتدلّ الآية الكريمة على لزوم العقد ، وعدم تأثير الفسخ فيه. وبما أنّ المزارعة من العقود المتعارفة المعهودة من قبل التشريع وإلى الآن ، وممضاة من قبل الشارع المقدس بالسيرة القطعية ، فتشملها الآية الكريمة لا محالة.

هذا مضافاً إلى إمكان التمسك بأدلّة إمضاء العقود ، كقوله تعالى : ﴿أَحَلَّ اللهُ

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٢٩.

(٢) الوسائل ، ج ١٨ كتاب التجارة ، أبواب الخيار ، ب ١.

(٣) سورة المائدة ٥ : ١.

(٤) العروة الوثقى ٢ : ٤٨٦.

۵۵۰