مقدّماته فإثبات كونها عليه أيضاً يحتاج إلى الدليل ، وهو مفقود.

فالمقام نظير ما ذكرناه في تكفين الميت ، من أنّ الواجب على المسلمين القيام بالعمل خاصة ، وأما إيجاد الموضوع وتحصيل الكفن فلا دليل على وجوبه عليهم. ومن هنا فلا يجب على أحد منهم بذله ، بل إن كان للميت مال فمنه ، وإلّا فمن الزكاة ونحوها ، فإن لم يوجد دُفن عارياً ، إذا لم يحصل من يتبرع به عن طوع رغبته وإرادته.

ومن هنا فما نحن فيه أشبه شي‌ء بالبناء ، حيث لا يجب على العامل إلّا العمل بالمواد دون تحصيلها.

وصحيحة يعقوب بن شعيب وإن كانت دالّة على كون البذر من العامل وتقوّم المزارعة بذلك ، إلّا أنه لا بدّ من رفع اليد عن ظهورها هذا وحملها على بعض المحامل ككون ذلك هو المعهود في ذلك الزمان ونحوه ، وذلك لجملة من النصوص الدالّة على عدم اعتباره من حيث فرض فيها كون البذر من غير العامل.

ففي معتبرة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل استأجر أرضاً بألف درهم ثمّ آجر بعضها بمائتي درهم ، ثمّ قال له صاحب الأرض الذي آجره : أنا أدخل معك بما استأجرت فننفق جميعاً ، فما كان من فضل بيني وبينك ، قال : «لا بأس بذلك» (١).

فإنه عليه‌السلام حكم بصحّة العقد ، مع كون المفروض فيها مشاركة المالك للعامل في الإنفاق عليها.

وفي صحيحة سماعة ، قال : سألته عن مزارعة المسلم المشرك ، فيكون من عند المسلم البذر والبقر وتكون الأرض والماء والخراج والعمل على العلج ، قال : «لا بأس به» (٢). حيث فرض فيها كون البذر على غير العامل صريحاً.

وأصرح من الكل خبر إبراهيم الكرخي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أُشارك العلج ، فيكون من عندي الأرض والبذر والبقر ويكون على العلج القيام

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٩ كتاب المزارعة والمساقاة ، ب ١٥ ح ٢.

(٢) الوسائل ، ج ١٩ كتاب المزارعة والمساقاة ، ب ١٢ ح ١.

۵۵۰