بالبيّنة (١).

أقول : لا يخفى أنّ الموافق لقواعد القضاء وعمومات كون البيّنة على المدّعى واليمين على من ادُّعي عليه ، هو ما ادُّعي عليه الإجماع ، نظراً لكون المالك هو المدّعى للضمان على العامل.

إلّا أنّ المستفاد من النصوص الخاصّة ، كون المطالب بالبيّنة في محل الكلام هو العامل. وعليه فيتعين رفع اليد عن العمومات ، والحكم بإلزام العامل بالبيِّنة.

بيان ذلك : أنّ الروايات الواردة في المقام على ثلاث طوائف :

الطائفة الأُولى : ما دلّ على ضمان العامل ، وأنّه لا بدّ له في دفع الضمان عن نفسه من إثبات مدّعاه. وهي عدّة روايات :

منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال في الغسال والصبّاغ : ما سرق منهم من شي‌ء ، فلم يخرج منه على أمر بيّن إنه قد سرق وكل قليل له أو كثير فإن فعل فليس عليه شي‌ء. وإن لم يقم البيّنة وزعم أنه قد ذهب الذي ادّعي عليه ، فقد ضمنه إن لم يكن له بيّنة على قوله» (٢).

ومنها : صحيحة ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن قصّار دفعت إليه ثوباً فزعم أنه سرق من بين متاعه ، قال : «فعليه أن يقيم البيّنة أنه سرق من بين متاعه وليس عليه شي‌ء ، فإن سرق متاعه كله فليس عليه شي‌ء» (٣).

ومنها : معتبرة السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يضمّن الصبّاغ والقصّار والصائغ احتياطاً على أمتعة الناس» (٤).

ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سئل عن رجل جمّال

__________________

(١) مسالك الافهام ٤ : ٣٧٤ ٣٧٥.

(٢) الوسائل ، ج ١٩ كتاب الإجارة ، ب ٢٩ ح ٢.

(٣) الوسائل ، ج ١٩ كتاب الإجارة ، ب ٢٩ ح ٥.

(٤) الوسائل ، ج ١٩ كتاب الإجارة ، ب ٢٩ ح ٦.

۵۵۰