وما ذكر من التوهّم جار فيه أيضا ؛ لأنّ العمومات الدالّة على حرمة الخبائث (١) والفواحش (٢) و ﴿ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا(٣) تدلّ على حرمة امور واقعيّة يحتمل كون شرب التتن منها.

ومنشأ التوهّم المذكور : ملاحظة تعلّق الحكم بكليّ مردّد بين مقدار معلوم وبين أكثر منه ، فيتخيّل أنّ الترديد في المكلّف به مع العلم بالتكليف ، فيجب الاحتياط.

ونظير هذا التوهّم قد وقع في الشبهة الوجوبيّة ، حيث تخيّل بعض (٤) : أنّ دوران ما فات من الصلوات (٥) بين الأقلّ والأكثر موجب للاحتياط من باب وجوب المقدّمة العلميّة.

وقد عرفت ، وسيأتي اندفاعه (٦).

فإن قلت : إنّ الضرر محتمل في هذا الفرد المشتبه ـ لاحتمال كونه محرّما ـ فيجب دفعه.

قلنا : إن اريد بالضرر العقاب وما يجري مجراه من الامور الاخرويّة ، فهو مأمون بحكم العقل بقبح العقاب من غير بيان.

وإن اريد ما لا يدفع العقل ترتّبه من غير بيان ـ كما في

__________________

(١) آل عمران : ١٥٧.

(٢) آل عمران : ٣٣.

(٣) الحشر : ٧.

(٤) سيأتي ذكرهم في الصفحة ١٧٠.

(٥) في (ر) و (ظ): «الصلاة».

(٦) انظر الصفحة ١٦٩ ـ ١٧٠.

۵۰۴۱