﴿ ومنها : الرضاع ﴾.
﴿ فيجب على الاُمّ إرضاع اللباء ﴾ بكسر اللام ، وهو أوّل اللبن في النتاج ، قاله الجوهري (١) وفي نهاية ابن الأثير : هو أوّل ما يحلب عند الولادة (٢) ولم أقف على تحديد مقدار ما يجب منه ، وربما قيّده بعض بثلاثة أيّام (٣) وظاهر ما نقلناه عن أهل اللغة أنّه حَلبة واحدة.
وإنّما وجب عليها ذلك؛ لأنّ الولد لا يعيش بدونه ، ومع ذلك لا يجب عليها التبرّع به ، بل ﴿ باُجرةٍ على الأب إن لم يكن للولد مال ﴾ وإلّا ففي ماله جمعاً بين الحقّين (٤) ولا منافاة بين وجوب الفعل واستحقاق عوضه ، كبذل المال في المخمصة للمحتاج. وبذلك يظهر ضعف ما قيل بعدم استحقاقها الاُجرة عليه؛ لوجوبه عليها (٥) لما علم من عدم جواز أخذ الاُجرة على العمل الواجب.
والفرق أنّ الممنوع من أخذ اُجرته هو نفس العمل ، لا عين المال الذي يجب بذله ، واللباء من قبيل الثاني ، لا الأوّل. نعم ، يجيء على هذا : أنّها لا تستحقّ اُجرة على إيصاله إلى فمه؛ لأنّه عمل واجب.
وربما مُنع من كونه لا يعيش بدونه ، فينقدح حينئذٍ عدم الوجوب ، والعلّامة
__________________
(١) الصحاح ١ : ٧٠ (لبأ).
(٢) النهاية ٤ : ٢٢١ ، المادّة نفسها.
(٣) لم نعثر عليه.
(٤) هما حقّ الولد الواجب على الاُمّ ، وحقّ الاُمّ وهو الاُجرة. (هامش ر).
(٥) القائل بعدم استحقاقها الاُجرة عليه المقداد في التنقيح [٣ : ٢٦٧] مستدلّاً بوجوب تقدّم العمل ، ومانعاً لكونه لا يعيش بدونه. (منه رحمهالله).