وينتقض في عكسه بالوصيّة بالعتق فإنّه فكّ ملك ، والتدبير فإنّه وصيّة به عند الأكثر (١) والوصيّة بإبراء المديون ، وبوقف المسجد فإنّه فكّ ملك أيضاً ، وبالوصيّة بالمضاربة والمساقاة ، فإنّهما وإن أفادا ملك العامل الحصّة من الربح والثمرة على تقدير ظهورهما ، إلّاأنّ حقيقتهما ليست كذلك ، وقد لا يحصل ربح ولا ثمرة ، فينتفي التمليك.
﴿ وإيجابها : أوصيت ﴾ لفلان بكذا ﴿ أو افعلوا كذا بعد وفاتي ﴾ هذا القيد يحتاج إليه في الصيغة الثانية خاصّة؛ لأنّها أعمّ ممّا بعد الوفاة. أمّا الاُولى فمقتضاها كون ذلك بعد الوفاة ﴿ أو لفلان بعد وفاتي ﴾ كذا ، ونحو ذلك من الألفاظ الدالّة على المعنى المطلوب.
﴿ والقبول : الرضا ﴾ بما دلّ عليه الإيجاب ، سواء وقع باللفظ أم بالفعل الدالّ عليه كالأخذ والتصرّف. وإنّما يفتقر إليه في من يمكن في حقّه كالمحصور ، لا غيره كالفقراء والفقهاء وبني هاشم والمسجد والقنطرة ، كما سيأتي (٢).
واستفيد من افتقارها إلى الإيجاب والقبول أنّها من جملة العقود ، ومن جواز رجوع الموصي ما دام حيّاً والموصى له كذلك ما لم يقبل بعد الوفاة ـ كما سيأتي ـ أنّها من العقود الجائزة. وقد تلحق باللازمة على بعض الوجوه (٣) كما يعلم ذلك من القيود.
ولمّا كان الغالب عليها حكم الجواز لم يشترط فيها القبول اللفظي ، ولا مقارنته للإيجاب ، بل يجوز مطلقاً سواء ﴿ تأخّر ﴾ عن الإيجاب ﴿ أو قارن ﴾.
__________________
(١) منهم الشيخ في المبسوط ٢ : ٢١٣ ، والقاضي في المهذّب ٢ : ٥٩ ، والمحقّق في المختصر النافع : ٢٣٨.
(٢) يأتي في الصفحة ٩٧.
(٣) كالردّ بعد القبول بعد وفاة الموصي حيث لا يقبل ، وغير ذلك ممّا سيأتي.