ولم يعيّنه ﴿ ثبت بالردّ اُجرة المثل ﴾.
ويشكل بأنّ ثبوت اُجرة المثل لا تقتضي صحّة العقد ، بل هي ظاهرة في فساده ، وإنّما أوجبها الأمرُ بعملٍ له اُجرة عادةً ، كما لو استدعاه ولم يعيّن عوضاً. إلّا أن يقال : إنّ مثل ذلك يُعدّ جعالة أيضاً ، فإنّها لا تنحصر في لفظ ، ويرشد إليه اتّفاقهم على الحكم من غير تعرّض للبطلان.
وفيه : أنّ الجعالة مستلزمة لجعل شيءٍ ، فإذا لم يذكره لا يتحقّق مفهومها وإن ترتّب عليها العوض.
وقيل : إن كانت الجهالة لا تمنع من التسليم لزم بالعمل العوضُ المعيّن لا اُجرة المثل ك «من ردّ عبدي فله نصفه» (١) فردّه من لا يعرفه. ولا بأس به. وعلى هذا فيصحّ جعله صبرة مشاهدة مجهولة المقدار ، وحصّةً من نماء شجر على عمله ، وزرع كذلك ، ونحوها.
والفرق بينه وبين «الشيء» و«المال» مقوليّتهما على القليل والكثير المفضي إلى التنازع والتجاذب فلم يصحّ على هذا الوجه ، بخلاف ما لا يمنع من التسليم ، فإنّه أمر واحد لا يقبل الاختلاف ، ومسمّاه لتشخّصه لا يقبل التعدّد ، وقبوله للاختلاف قيمة بالزيادة والنقصان قد قدم عليه العامل كيف كان ويمكن التبرّع به ، فإذا قدم على العوض الخاصّ انتفى الغرر؛ لأنّه معيَّن في حدّ ذاته.
﴿ ويشترط في الجاعل الكمال ﴾ بالبلوغ والعقل ﴿ وعدم الحجر ﴾ لأنّه باذل لمالٍ (٢) فيعتبر رفع الحجر عنه ، بخلاف العامل ، فإنّه يستحقّ الجعل وإن كان
__________________
(١) استحسنه العلّامة في القواعد ٢ : ٢١٦ ، والتحرير ٤ : ٤٤١ ، وقال ولده في الإيضاح ٢ : ١٦٣ : والأصحّ عندي الصحّة.
(٢) في سوى (ع) : المال.