﴿ والشقاق ﴾
هو ﴿ أن يكون النشوز منهما ﴾ كأنّ كلّ واحد منهما قد صار في شقِّ غير الآخر ﴿ وتُخشى الفُرقة ﴾ أو الاستمرار على ذلك ﴿ فيبعث الحاكم الحَكَمين من أهل الزوجين ﴾ أي أحدهما من أهله والآخر من أهلها كما تضمّنته الآية (١) لينظرا في أمرهما بعد اختلاء حَكَمه به وحَكَمها بها ومعرفة ما عندهما في ذلك. وهل بعثهما واجب أو مستحبّ؟ وجهان : أوجههما الوجوب عملاً بظاهر الأمر في الآية (٢).
﴿ أو من غيرهما ﴾ لحصول الغرض به ، ولأنّ القرابة غير معتبرة في الحَكَم ولا في التوكيل ، وكونهما من الأهل في الآية؛ للإرشاد إلى ما هو الأصلح. وقيل : يتعيّن كونهما من أهلهما (٣) عملاً بظاهر الآية ، ولأنّ الأهل أعرف بالمصلحة من الأجانب. ولو تعذّر الأهل فلا كلام في جواز الأجانب.
وبعثُهما يكون ﴿ تحكيماً ﴾ لا توكيلاً؛ لأنّ اللّٰه تعالى خاطب بالبعث الحكّام وجعلهما حكمين ، ولو كان توكيلاً لخاطب به الزوجين ، ولأنّهما إن رأيا الإصلاح فعلاه من غير استئذان ، وإن رأيا التفريق توقّف على الإذن ، ولو كان توكيلاً لكان تابعاً لما دلّ عليه لفظهما.
وبذلك يُضعّف قول القاضي بكونه توكيلاً (٤) استناداً إلى أنّ البضع حقّ
__________________
(١) الآية ٣٥ من سورة النساء.
(٢) وهو قوله تعالى : (فَابْعَثُوا).
(٣) قاله ابن إدريس في السرائر ٢ : ٧٣٠ ، وقوّاه العلّامة في المختلف ٧ : ٤٠٤.
(٤) قال القاضي في المهذّب ٢ : ٢٦٦ : وقد ذكرنا في كتابنا (الكامل في الفقه) في هذا الموضع ، أنّه على طريق التوكيل والصحيح أنّه على طريق الحكم ...