﴿ ولا يوصي ﴾ الوصيّ إلى غيره عمّن أوصى إليه ﴿ إلّابإذن ﴾ منه له في الإيصاء على أصحّ القولين (١) وقد تقدّم وإنّما أعادها لفائدة التعميم؛ إذ السابقة مختصّة بالوصيّ (٢) على الطفل ومن بحكمه من أبيه وجدّه ، وهنا شاملة لسائر الأوصياء. وحيث يأذن له فيه فيقتصر على مدلول الإذن ، فإن خصّه بشخصٍ أو وصفٍ اختصّ ، وإن عمّم أوصى إلى مستجمع الشرائط. ويتعدّى الحكم إلى وصيّ الوصيّ أبداً مع الإذن فيه ، لا بدونه.
﴿ و ﴾ حيث لا يصرّح له بالإذن في الإيصاء ﴿ يكون النظر بعده ﴾ في وصيّة الأوّل ﴿ إلى الحاكم ﴾ لأنّه وصيّ من لا وصيّ له ﴿ وكذا ﴾ حكم كلّ ﴿ من مات ولا وصيّ له. ومع تعذّر الحاكم ﴾ لفقده أو بُعده بحيث يشقّ الوصول إليه عادةً يتولّى إنفاذ الوصيّة ﴿ بعض عدول المؤمنين ﴾ من باب الحسبة والمعاونة على البرّ والتقوى المأمور بها (٣) واشتراط العدالة يدفع محذور إتلاف مال الطفل وشبهه والتصرّف فيه بدون إذن شرعيّ ، فإنّ ما ذكرناه هو الإذن.
وينبغي الاقتصار على القدر الضروري الذي يضطرّ إلى تقديمه قبل مراجعة الحاكم وتأخير غيره إلى حين التمكّن من إذنه ، ولو لم يمكن لفقده لم يختصّ. وحيث يجوز ذلك يجب؛ لأنّه من فروض الكفاية.
__________________
(١) القول الأصحّ للمفيد في المقنعة : ٦٧٥ ، والحلبي في الكافي : ٣٦٦ ، وابن إدريس في السرائر ٣ : ١٨٥ و ١٩٢ ، والمحقّق في الشرائع ٢ : ٢٥٧ ، ونسبه في جامع المقاصد ١٠ : ٢٦٥ إلى أكثر الأصحاب. وأمّا القول الآخر فقد تقدّم عن الشيخ والقاضي في الصفحة ١٣١ في الهامش رقم ٢.
(٢) في (ع) : بالوصيّة.
(٣) بقوله تعالى : (وَتَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْبِرِّ وَاَلتَّقْوىٰ ...) المائدة : ٣.