أولى؛ لأنّ تقصير وكيل الوكيل مجبور بنظر الوكيل والموكّل وتفحّصهما على مصلحتهما ، بخلاف نائب الميّت. ورضاه به غيرَ عدل لا يقدح في ذلك؛ لأنّ مقتضاها إثبات الولاية بعد الموت ، وحينئذٍ فترتفع أهليّته عن الإذن والولاية ، فيصير التصرّف متعلّقاً بحقّ غير المستنيب من طفل ومجنون وفقير وغيرهم ، فيكون أولى باعتبار العدالة من وكيل الوكيل ووكيل الحاكم على مثل هذه المصالح.
وبذلك يظهر ضعف ما احتجّ به نافي اشتراطها : من أنّها في معنى الوكالة ووكالة الفاسق جائزة إجماعاً وكذا استيداعه (١) لما عرفت من الفرق بينها وبين الوكالة والاستيداع ، فإنّهما متعلّقان بحقّ الموكّل والمودع ، وهو مسلَّط على إتلاف ماله فضلاً عن تسليط غير العدل عليه. والموصي إنّما سلّطه على حقّ الغير؛ لخروجه عن ملكه بالموت مطلقاً ، مع أنّا نمنع أنّ مطلق الوكيل والمستودَع لا يشترط فيهما العدالة.
واعلم أنّ هذا الشرط إنّما اعتبر ليحصل الوثوق بفعل الوصيّ ويقبل خبره به ، كما يستفاد ذلك من دليله ، لا في صحّة الفعل في نفسه ، فلو أوصى لمن ظاهره العدالة وهو فاسق في نفسه ففعل مقتضى الوصيّة فالظاهر نفوذ فعله وخروجه عن العهدة.
ويمكن كون ظاهر الفسق كذلك لو أوصى إليه فيما بينه وبينه وفعل مقتضاه ، بل لو فعله ظاهراً كذلك لم تبعد الصحّة وإن حكم ظاهراً بعدم وقوعه وضمانه ما ادّعى فعلَه.
وتظهر الفائدة لو فعل مقتضى الوصيّة باطّلاع عدلين أو باطّلاع الحاكم.
__________________
(١) احتجّ به ابن إدريس في السرائر ٣ : ١٨٩ ، والعلّامة في المختلف ٦ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥.