الأمر الوارد بين الوجوب والاستحباب ، ولو كان ظاهرا في الندب بني على جواز الترك. وكذا لو وردت (١) رواية ضعيفة بوجوب شيء ، وتمسّك في ذلك بحديث : «ما حجب الله علمه» ، وحديث : «رفع التسعة» ، ـ قال ـ : وخرج عن تحتهما كلّ فعل وجوديّ لم يقطع بجوازه ؛ لحديث التثليث (٢).
المناقشة فيما أفاده المحدّث الأسترابادي
أقول : قد عرفت فيما تقدّم في نقل كلام المحقّق قدسسره (٣) : أنّ التمسّك بأصل البراءة منوط بدليل عقليّ هو قبح التكليف بما لا طريق إلى العلم به ، ولا دخل لإكمال الدين وعدمه ولا لكون الحسن والقبح أو الوجوب والتحريم عقليّين أو شرعيّين ، في ذلك.
والعمدة في ما ذكره هذا المحدّث من أوّله إلى آخره : تخيّله أنّ مذهب المجتهدين التمسّك بالبراءة الأصليّة لنفي الحكم الواقعيّ ، ولم أجد أحدا يستدلّ بها على ذلك. نعم ، قد عرفت سابقا أنّ ظاهر جماعة من الإماميّة جعل أصل البراءة من الأدلّة الظنّية ، كما تقدّم في المطلب الأوّل استظهار ذلك من صاحبي المعالم والزبدة (٤).
لكنّ ما ذكره من إكمال الدين لا ينفي حصول الظنّ ؛ لجواز دعوى أنّ المظنون بالاستصحاب أو غيره موافقة ما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله للبراءة. وما ذكره من تبعيّة خطاب الله تعالى للحكم والمصالح لا ينافي ذلك.
__________________
(١) في النسخ : «ورد».
(٢) انظر الفوائد المدنيّة : ١٦٢ ـ ١٦٣.
(٣) راجع الصفحة ٩٤.
(٤) راجع الصفحة ٩٩.