﴿ لا بالمصارعة والسُفُن والطيور ، والعَدْو ﴾ ورفع الأحجار ورميها ، ونحو ذلك؛ لدلالة الحديث السابق على نفي مشروعيّة ما خرج عن الثلاثة.
هذا إذا تضمّن السبق بذلك العوض. أمّا لو تجرّد عنه ففي تحريمه نظر ، من دلالة النصّ على عدم مشروعيّته إن رُوي السبق بسكون الباء ليفيد نفي المصدر ، وإن رُوي بفتحها ـ كما قيل (١) إنّه الصحيح رواية ـ كان المنفي مشروعيّة العوض عليها ، فيبقى الفعل على أصل الإباحة؛ إذ لم يرد شرعاً ما يدلّ على تحريم هذه الأشياء ، خصوصاً مع تعلّق غرضٍ صحيحٍ بها. ولو قيل بعدم ثبوت رواية الفتح فاحتمال الأمرين يُسقط دلالته على المنع.
﴿ ولا بدّ فيها * من إيجاب وقبول على الأقرب ﴾ لعموم قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٢) «والمؤمنون عند شروطهم» (٣) وكلّ من جعله لازماً حكم بافتقاره إلى إيجاب وقبول.
وقيل : هو جُعالة (٤) لوجود بعض خواصّها فيه وهي : أنّ بذل العوض فيه على ما لا يوثق بحصوله وعدم تعيين العامل ، فإنّ قوله : «من سبق فله كذا» غير متعيّن عند العقد ، ولأصالة عدم اللزوم وعدم اشتراط القبول ، والأمر بالوفاء بالعقد مشروط بتحقّقه وهو موضع النزاع؛ سلّمنا لكنّ الوفاء به هو العمل بمقتضاه لزوماً وجوازاً ، وإلّا لوجب الوفاء بالعقود الجائزة.
__________________
(١) قاله الخطّابي على ما حكاه عنه ابن الأثير في النهاية ٢ : ٣٣٨ (سبق).
(*) في (س) : «فيهما».
(٢) المائدة : ١.
(٣) الوسائل ١٥ : ٣٠ ، الباب ٢٠ من أبواب المهور ، الحديث ٤.
(٤) قاله الشيخ في المبسوط ٦ : ٣٠٠ ، والخلاف ٦ : ١٠٥ ، المسألة ٩ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ٣٣٥ ، والعلّامة في القواعد ٢ : ٣٧٥ ، والمختلف ٦ : ٢٥٥.