والعرف قاضٍ به.
وأمّا قوله : «أنا مقرّ به» فإنّه وإن احتمل كونه مقرّاً به لغيره ، وكونه وعداً بالإقرار ، من حيث إنّ «مقرّاً» اسم فاعل يحتمل الاستقبال ، إلّاأنّ المتبادر منه كون ضمير «به» عائداً إلى ما ذكره المقرّ له وكونه إقراراً بالفعل عرفاً ، والمرجع فيه إليه.
وقوّى المصنّف في الدروس أنّه ليس بإقرار حتّى يقول : «لك» (١) وفيه : مع ما ذُكر أنّه لا يدفع (٢) لولا دلالة العرف ، وهي واردة على الأمرين (٣).
ومثله «أنا مقرّ بدعواك» أو «بما ادّعيت» أو «لستُ منكراً له» لدلالة العرف ، مع احتمال أن لا يكون الأخير إقراراً؛ لأنّه أعمّ.
﴿ ولو قال : زِنه ، أو انتقده ، أو أنا مقرّ ﴾ ولم يقل : «به» ﴿ لم يكن شيئاً ﴾ أمّا الأوّلان : فلانتفاء دلالتهما على الإقرار؛ لإمكان خروجهما مخرج الاستهزاء ، فإنّه استعمال شائع في العرف. وأمّا الأخير : فلأنّه مع انتفاء احتماله الوعد يحتمل كون المقرّ به المدّعى وغيرَه ، فإنّه لو وصل به قوله : «بالشهادتين» أو «ببطلان دعواك» لم يختلّ اللفظ؛ لأنّ المقرّ به غير مذكور ، فجاز تقديره بما يطابق المدّعى وغيرَه معتضداً بأصالة البراءة.
ويحتمل عدّه إقراراً؛ لأنّ صدوره عقيب الدعوى قرينة صرفه إليها وقد استعمل لغةً كذلك ، كما في قوله تعالى : (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قٰالُوا أَقْرَرْنٰا) (٤) وقوله تعالى : (قٰالَ فَاشْهَدُوا) (٥) ولأنّه لولاه لكان هذراً.
__________________
(١) الدروس ٣ : ١٢٢.
(٢) يعني ضميمة «لك» لا تدفع احتمال الوعد بالإقرار ونحوه.
(٣) مع إضافة «لك» وعدمه.
(٤) و (٥) آل عمران : ٨١.