﴿ وكونِه ﴾ ـ بالجرّ ـ عطفاً على مباشرة الكافر ، أي والأقرب صحّة كون الكافر ﴿ محلّاً ﴾ للعتق بأن يكون العبد المعتَق كافراً ، لكن ﴿ بالنذر لا غير ﴾ بأن ينذر عتق مملوك بعينه وهو كافر. أمّا المنع من عتقه مطلقاً ، فلأنّه خبيث وعتقه إنفاق له في سبيل اللّٰه وقد نهى اللّٰه تعالى عنه بقوله : (وَلاٰ تَيَمَّمُوا اَلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (١) ولاشتراط القربة فيه كما مرّ ، ولا قربة في الكافر ، ولرواية سيف بن عميرة عن الصادق عليهالسلام قال : «سألته أيجوز للمسلم أن يُعتِق مملوكاً مشركاً؟ قال : لا» (٢).
وأمّا جوازه بالنذر ، فللجمع بين ذلك وبين ما رُوي أنّ عليّاً عليهالسلام أعتق عبداً نصرانيّاً فأسلم حين أعتقه (٣) بحمله على النذر ، والاُولى على عدمه.
وفيهما معاً نظر؛ لأنّ ظاهر الآية وقول المفسّرين : أنّ الخبيث هو الرديء من المال يُعطى الفقير (٤) وربما كانت الماليّة في الكافر خيراً من العبد المسلم ، والإنفاق؛ لماليّته ، لا لمعتقده الخبيث؛ ومع ذلك فالنهي مخصوص بالصدقة الواجبة؛ لعدم تحريم الصدقة المندوبة بما قلّ ورَدُؤَ حتّى بشقّ تمرة إجماعاً. والقربة يمكن تحقّقها في عتق المولى الكافر المقرّ باللّٰه تعالى الموافق له في الاعتقاد ، فإنّه يقصد به وجه اللّٰه تعالى كما مرّ وإن لم يحصل الثواب ، وفي المسلم إذا ظنّ القربة بالإحسان إليه وفكّ رقبته من الرقّ وترغيبه في الإسلام ، كما روي من فعل عليّ عليهالسلام وخبر سيف مع ضعف سنده (٥) أخصّ من المدّعى ، ولا ضرورة
__________________
(١) البقرة : ٢٦٧.
(٢) الوسائل ١٦ : ٢٠ ، الباب ١٧ من أبواب كتاب العتق ، الحديث ٥ و ٢.
(٣) الوسائل ١٦ : ٢٠ ، الباب ١٧ من أبواب كتاب العتق ، الحديث ٥ و ٢.
(٤) اُنظر التبيان ٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، ومجمع البيان ١ : ٣٨١ ذيل الآية الشريفة.
(٥) وفي طريقه الحسن بن علي بن أبي حمزة ، وهو واقفيٌّ خبيثٌ. (منه رحمهالله).