الزوال. واشتراطه بنيّة القربة لا ينافيه؛ لأنّ ظاهر الخبر السالف أنّ المراد منها إرادة وجه اللّٰه تعالى ، سواء حصل الثواب أم لم يحصل. وهذا القدر ممكن ممّن يقرّ باللّٰه تعالى. نعم ، لو كان الكفر بجحد الإلهيّة مطلقاً توجّه إليه المنع. وكونه عبادة مطلقاً ممنوع ، بل هو عبادة خاصّة يغلب فيها فكّ الملك ، فلا يمتنع من الكافر مطلقاً.

وقيل : لا يقع من الكافر مطلقاً (١) نظراً إلى أنّه عبادة تتوقّف على القربة ، وأنّ المعتبر من القربة ترتّب أثرها من الثواب ، لا مطلق طلبها كما ينبّه عليه حكمهم ببطلان صلاته وصومه لتعذّر القربة منه ، فإنّ القدر المتعذّر هو هذا المعنى ، لا ما ادّعوه أوّلاً ، ولأنّ العتق شرعاً ملزوم للولاء ولا يثبت ولاء الكافر على المسلم؛ لأنّه سبيل منفيّ عنه ، وانتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم.

وفي الأوّل ما مرّ. وفي الثاني أنّ الكفر مانع من الإرث كالقتل ، كما هو مانع في النسب.

والحقّ أنّ اتّفاقهم على بطلان عبادته من الصلاة ونحوها واختلافهم في عتقه وصدقته ووقفه عند من يعتبر نيّة القربة فيه ، يدلّ على أنّ لهذا النوع من التصرّف المالي حكماً ناقصاً عن مطلق العبادة (٢) من حيث الماليّة ، وكونِ الغرض منها نفع الغير فجانب الماليّة فيها أغلب من جانب العبادة ، فمن ثمّ وقع الخلاف فيها دون غيرها من العبادة (٣) والقول بصحّة عتقه متّجه مع تحقّق قصده إلى القربة وإن لم يحصل لازمها.

__________________

(١) قاله ابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٠ ، والمحقّق في الشرائع ٣ : ١٠٧ ، والعلّامة في القواعد ٣ : ١٩٩ ، والتحرير ٤ : ١٨٩ ، الرقم ٥٦٢٤ ، والإرشاد ٢ : ٦٧.

(٢) و (٣) في (ر) : العبادات.

۵۹۰۱