أن يفارقها ﴿ لتفتدي نفسها ﴾ لقوله تعالى : (وَلاٰ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مٰا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاّٰ أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١) والاستثناء من النهي إباحة؛ ولأنّها إذا زنت لم يؤمن أن تلحق به ولداً من غيره وتفسد فراشه ، فلا تقيم حدود اللّٰه تعالى في حقّه فتدخل في قول اللّٰه تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّٰ يُقِيمٰا حُدُودَ اَللّٰهِ فَلاٰ جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا اِفْتَدَتْ بِهِ) (٢).
وقيل : لا يصحّ ذلك ولا يستبيح المبذول مع العضل؛ لأنّه في معنى الإكراه ، ولقوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (٣) والمشروط عدم عند عدم شرطه (٤).
وقيل (٥) : إنّ الآية الاُولى (٦) منسوخة بآية الحدّ (٧) ولم يثبت؛ إذ لا منافاة بينهما ، والأصل عدم النسخ. وعلى الأوّل هل يتقيّد جواز العضل ببذل ما وصل إليها منه من مهر وغيره فلا يجوز الزيادة عليه ، أم لا يتقيّد إلّابرضاه؟ اختار المصنّف الأوّل (٨) حذراً من الضرر العظيم ، واستناداً إلى قول النبيّ صلىاللهعليهوآله لجميلة بنت
__________________
(١) و (٣) النساء : ١٩ و ٤.
(٢) البقرة : ٢٢٩.
(٣)
(٤) قاله الشافعي في أحد قوليه. اُنظر المغني والشرح الكبير ٨ : ١٧٨ ـ ١٧٩ ، وانظر المجموع ١٨ : ١٤٥ ـ ١٤٩ أيضاً.
(٥) قاله بعض المفسّرين مثل عطاء وغيره ، اُنظر تفسير الطبري ٤ : ٢١١ ، والجامع لأحكام القرآن ٥ : ٩٦ ، ومجمع البيان ٢ : ٢٤.
(٦) قوله تعالى : (وَلاٰ تَعْضُلُوهُنَّ ...).
(٧) قوله تعالى : (اَلزّٰانِيَةُ وَاَلزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ ...) النور : ٢.
(٨) وهو جواز العضل ، ولم نعثر على موضع اختياره. وقال في المسالك ٩ : ٤٢٢. ورجّح الشهيد في بعض تحقيقاته تقييده بما وصل إليها منه.