إجماعاً ، وإن كان بطريق الرواية فكيف خفي ذلك على الصحابة أجمع في بقيّة زمن النبيّ وجميع خلافة أبي بكر وبعض خلافة المحرِّم؟
ثمّ يدلّ على أنّ تحريمه من عنده لا بطريق الرواية قوله في الرواية المشهورة عنه بين الفريقين : «متعتان كانتا في عهد رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله حلالاً أنا أنهى عنهما واُعاقِب عليهما» (١) ولو كان النبيّ صلىاللهعليهوآله قد نهى عنهما في وقت من الأوقات لكان إسناده إليه صلىاللهعليهوآله أولى وأدخل في الزجر. وروى شعبة عن الحكم بن عتيبة ـ وهو من أكابرهم ـ قال : سألته عن هذه الآية (فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) (٢) أمنسوخة هي؟ قال : لا ، ثمّ قال الحكم : قال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلّاشقيّ» (٣) وفي صحيح الترمذي «أنّ رجلاً من أهل الشام سأل ابن عمر عن متعة النساء فقال : هي حلال ، فقال : إنّ أباك قد نهى عنها ، فقال ابن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها (٤) رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله أتترك السنّة وتتبع قول أبي!» (٥).
وأمّا الأخبار بشرعيّتها (٦) من طريق أهل البيت عليهمالسلام فبالغة ـ أو كادت أن تبلغ ـ حدَّ التواتر؛ لكثرتها ، حتّى أنّه مع كثرة اختلاف أخبارنا ـ الذي أكثره بسبب التقيّة ـ وكثرة مخالفينا فيه لم يوجد خبر واحد منها يدلّ على منعه ، وذلك عجيب!
__________________
(١) السنن الكبرى ٧ : ٢٠٦ ، وكنز العمّال ١٦ : ٥١٩ ، الرقم ٤٥٧١٥.
(٢) النساء : ٢٤.
(٣) تفسير الطبري ٥ : ٩.
(٤) في (ش) : وسنّها ، وفي (ر) : وقد سنّها.
(٥) سنن الترمذي ٣ : ١٨٥ ، الرقم ٨٢٤ ، ولكنّه في متعة الحجّ ، ولم نعثر على غيره فيه.
(٦) في (ع) و (ف) : شرعيّته.