وفي كلا الجوابين ما لا يخفى على من راجع تلك الأخبار.
جواب الرابع
ومنها : أنّها معارضة بأخبار البراءة ، وهي أقوى سندا ودلالة واعتضادا بالكتاب والسنة والعقل ، وغاية الأمر التكافؤ ، فيرجع إلى ما تعارض فيه النصّان ، والمختار فيه التخيير ، فيرجع إلى أصل البراءة (١).
وفيه : أنّ مقتضى أكثر أدلّة البراءة المتقدّمة ـ وهي جميع آيات الكتاب ، والعقل ، وأكثر السنّة ، وبعض تقريرات الإجماع ـ عدم استحقاق العقاب على مخالفة الحكم الذي لا يعلمه المكلّف ، ومن المعلوم أنّ هذا من مستقلاّت العقل الذي لا يدلّ أخبار التوقف ولا غيرها من الأدلة النقليّة على خلافه ، وإنّما يثبت أخبار التوقف ـ بعد الاعتراف (٢) بتماميّتها على ما هو المفروض ـ تكليفا ظاهريّا بوجوب الكفّ وترك المضيّ عند الشبهة ، والأدلّة المذكورة لا تنفي هذا المطلب ، فتلك الأدلّة بالنسبة إلى هذه الأخبار من قبيل الأصل بالنسبة إلى الدليل ، فلا معنى لأخذ الترجيح بينهما.
وما يبقى من السنّة من قبيل قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق» (٣) لا يكافئ أخبار التوقّف ؛ لكونها أكثر وأصحّ سندا.
وأمّا قوّة الدلالة في أخبار البراءة فلم يعلم.
وظهر (٤) أنّ الكتاب والعقل لا ينافي وجوب التوقّف.
__________________
(١) هذا الجواب أيضا ذكره المحقّق القمّي في القوانين ٢ : ٢٢.
(٢) في (ظ): «وإنّما تثبت بعد الاعتراف».
(٣) تقدّم الحديث في الصفحة ٤٣.
(٤) في (ت) ، (ر) و (ه): «وظاهر».